السبت 21 يونيو 2025 08:25 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم يكتب : في ذكراه الثالثة..يوسف الشال مصمم ألا يموت

الكاتب الصحفى إسماعيل ابو الهيثم
الكاتب الصحفى إسماعيل ابو الهيثم

من الناس من يمر علي الدنيا مروراً عابراً ساذجا ، لم يحظ من الدنيا بشيء سوي رقم في دفتر الإحصاء ، لم يثر الدنيا ، ولم تثره ، ولم يفدها ولم تفده .
قضي عمره كله بمعزل عن الحياة وتيارها الصاخب ، حظه منها وحظها منه مطعم ومشرب وحيز يشغله .
ومن الناس من يقتحم الحياة اقتحاما ، يدخل في غمارها ، ومشكلاتها في شجاعة وثقة ، فيعمل ،ويجد ، ويجتهد ويكسب ، وينفق في سبيل الله ، علي كل ما يستحق أن يدعم ، فيكتب لنفسه بنفسه ، تاريخ ميلاده وبقائه حتي بعد موته ، وينضر وجهه وروحه ، ويسجل لها اضمامة ناضرة في سفر خلودها !
فليست العبرة بالوجود في الحياة ، وليست الغاية الحصول علي الأموال ، بل الأهم هو ، الدور الذي يؤديه المرء في الحياة ، من هنا تتمايز الأشخاص ، فمنهم العظماء الواعون بحقيقة الدنيا ، بأنها معبرا وجسرا الي الآخرة ، و أنها ليست دار مستقر .
هؤلاء هم الثقاة من البشر الذين عمقوا نهر الإنسانية بعطائهم .وكتبوا علي صفحات الخلود أسمائهم وأعمالهم ، وسجلوا بأنفسهم لأنفسهم تراثا مطمئنا من الخير للناس وللبشرية .
إن العناية بسير العظماء والتذكير بهم ، واجب يجب أن تنصرف إليه الهمم ، ويعتني به الموجهون، والكتاب ، ويذكر به المذكرون ، لأن دراسة حياة الرجال تورث الإحساس بالعزة وتهدي الي التمسك بالقيم ، وتقود إلي السمو في الخلق .
والدنيا بغير العظماء ، والمثل العليا، هموم وجمود ! وإذا أقفرت الدنيا من الرجال العظام ، فهي إلي الوراء تتقهقر ، ومن الوجود تكاد أن تتلاشى !
والعظماء لا يموتون ! بل يخلدون بأعمالهم وآثارهم ، وفي هذا المعني يقول الشاعر :
تلك آثارنا تدل علينا ..فانظروا بعدنا إلي الآثار.
نعم العظماء يعيشون عمرين، عمرهم الأول الذي يقضونه في الحياة بين الناس ، ثم يلحقون بربهم بعد سنين ، طالت أم قصرت !؟
أما عمرهم الثاني فإنهم يعيشونه في ذاكرة الناس بما تركوه وراءهم من أعمال، وخصال حميدة .
أعلم ويعلم غيري ، بأن المال هدف الكثرة ومأربهم الأسمي في الحياة ، والصيت ، بهفو إليه الأكثرون ، وفي سبيل المال كم شقي رجال ، وفي سبيل الشهرة كم ارتكبت آثام ! وقد أصاب صاحب المقال من المال الكثير ، وجهه لمرضاة الله عز وجل ، لم يبتغ شهرة ، ولم يبحث عن صيت ! .فكثر ماله من إنفاقه ، ونال رضي الله والناس ، من غير طلب ، وهذا هو حال المتاجرون مع الله !؟
وصاحب المقال هذا. مصمم ألا يموت .بما تركه خلفه من سيرة عطرة وأعمال الخير ، وبما شيده من مساجد فاخرة علي نفقته ومن حر ماله، وبما ساعد به كل محتاج .
وتكون الذكري أعمق والتقدير أرسخ ، عندما يكون العطاء للعلم وطلبته ، ولكلية القرآن الكريم الفريدة بطنطا واخواتها كلية الشريعة وكلية اصول الدين !
صدقا وبدون مبالغة ، فإن دموع أهالي مدينة طنطا لم تجف علي فراق هذا الرجل العظيم ، وما أظنها تجف عن قريب ! والرجل قد أوكل أسرته في استكمال ما بدأ ، والحفاظ علي ما تم من مشاريع الخير ، كما أخبرني بذلك صهره المهندس شريف البسطويسي .
صدقا . فإني في كل مرة أدخل فيها مسجد السلام بمدينة طنطا ، ومسجد جامعة طنطا ، أستشعر روح الحاج يوسف الشال صاحب مقالنا هذا ، وهي ترفرف في أجواء المسجد ، بالغة الرضي بما قدمت
شاكرة ربها علي ما وفقها من أعمال الخير !؟
إن اسمي مافي هذا المقال من معاني ، وأجل ماله من ظواهر ، هو تقدير للجهود ، وعرفان بالجميل ، وثناء علي الهمة ، وتتويج ادبي لسالف المجهودات وعربون روحي لحاضر التأسي .
إن ماقدمه الحاج يوسف الشال لمدينته وأهلها ولكل من عرفه لجدير بالتقدير والتكريم ، فكان رحمه الله ، لا يدخر جهدا ، ولا يضيع فرصة ، في خدمة دينه ومدينته وأهلها ، حتي بان شأوه وسطع مجده وضخم أمره بينهم .
إن الذي يتناول حياة المحتفي به ينتشر عليه مجال القول ، ولا يدري اي وجه يأخذ ، فكل أمره بارع ، وكل شأنه سامق ،
وهمي في هذا المقام ، أن أذكر نفسي وغيري به ، لأن الأفراد إذا نسوا عظماءهم .ضربت المثل العليا في عنقها .
وإذا كان لكل مقتضي حاله ، ولكل مقام مقاله ، فإن حال اليوم أكرم الأحوال داعيا ، وأنبل المقامات مقتضي ، أن نقدم تحية إكبار وإجلال ، لروح رجل العطاء ، الحاج يوسف الشال في ذكراه الثالثة .
وعزاؤنا في فقده ، أنه مازال حيا بيننا بأعمال الخير التي ستظل باقية مددا طويلة ، والله أسأل أن يرحمه رحمة تلحقه بالصالحين مع النبيين والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .