الأربعاء 2 يوليو 2025 09:51 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

د. ريهام نبيل حفناوي تكتب : خطوات على درب السعادة

دكتورة ريهام نبيل حفناوي
دكتورة ريهام نبيل حفناوي

في رحلتنا للبحث عن السعادة وسط أدغال الحياة ... نطرق الأبواب لنبحث عنها في كل مكان ... من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب ... نُبحر من قلوب الأدباء إلى عقول الحكماء ... نعتني بأحاديث المعنيين بدراستها ونُصغي لكل من يلوح بأنه اكتشف كنوز أسرارها ... نتتبع قصص السعداء لكي ننال من الحب جانبًا ... نقتفى أثرهم ونسير على دربهم لعلّنا نقطن مساكنهم، ونتذوق رحيق سعادتهم ...مع كلّ إشراقة شمس نسعى جاهدين في الحياة ... نتكفّل العناء لنبحث عنها من جديد... لا نكلّ ولا نمَلّ من الاستماع للقاصي والداني، لعلّ أحدًا يحمل لنا سرًّا من أسرارها ... كل ذلك وأكثر، فقط لنتوصّلَ إلى أسرار السعادة وأين تكمُن وتختبئ وأي القلوب تستحق سُكناها، ومَن يتمكن من اقتناصها والاحتفاظ بها والحفاظ عليها ... وبعد البحث والتنقيب جاءتنا البشرى ... علمنا أن أسرار السعادة سنحصل عليها من التجارب تباعًا فهي متاحة للجميع، ولكن نشعر برحيقها وندرك قيمتها كلما ارتقينا وارتفعنا ... كلما تفهمنا ماهي الحياة ... كلما عدنا لفطرتنا ... كلما تذكرنا موطننا الأصلي حيث كان أجدادنا آدم وحواء ... هناك في الجنة.

ونعود للحياة لنجمع لكم ما توصلنا إليه من كنوز السعادة ... لعلّ القلوبَ تجتمع على ما اختلفتْ عليه العقولُ.

السعادة في الرضا

الرضا ليس الأحرف الثلاثة التي ننطقها بعد كل مصابٍ ... الرضا منْبَعه القلب ... التسليم بأقدار الله في الضرّاء والسرّاء... واليقين بأنّ اختيارَ الله فيه النجاة من كل شر... الرضا يجلب طمأنينة القلب، ويضعنا في وديان من الهدوء والسكينة ... ولأن الرضا لله جعل الرضوان جزاءً للراضين ... ورضوان من الله أكبر.

السعادة في اليقين

الحياة مثل ألعاب الفيديو الحديثة بجميع تقنياتها ... أتذكر لعبة "الأتاري" القديمة ... عندما كنا نُمسك بالذراع الإلكتروني لنبدأ اللعب ونحن أطفال ... كنا نعلم منذ البداية أن (ماريو) في طريقه سيقابل عقباتٍ وحواجز، وقتها كنا نتحمس للمزيد من العقبات لنتغلب عليها ...نتوقع ونراهن ونتحدى ونثابر ولا نترك الذراع إلا وقد فزنا بمستوى تلو الآخر ... وفي مشهد آخر عندما كنا نقرأ مجلات (ميكي) كنا نعلم أن عصابة القناع الأسود ستظهر لتسرق ثروة عمّ دهب ... ولكننا وقتها لم يكن لدينا أدنى شك بأنّ القصة ستنتهي دون عودة الثروة لخزائن عم دهب، وعودة العصابة الطريفة للسجن مرة أخرى ... كنا نعلم أن هناك تحديات، حتى لو لم ندرك وقتها معنى الكلمة ... وهكذا الحياة مجموعة من التحديات، ولكن ما كان يُسهِّل علينا الفكرة صغارًا أننا كنا على فطرتنا... قلوبنا عامرة باليقين بأنّ وعد الله حق

السعادة في العطاء

إنّ "الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"... قول موجز مطلق ... فالفائز الوحيد من يعطي ... إنّ الأنانية كالشبح المخيف في قصص الأطفال يلاحق صاحبه أينما ذهب ... طاقات سلبية تطارد من يعتنقها ... قوَى هدمٍ تهدم سلامة القلب ... العطاء سعادة ننال جزاءها في وقتها ... "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون"

السعادة في الامتنان

"لئن شكرتم لأزيدنكم" ... قولُ الحق ... فالوصول للمزيد من النعم مرهون بالشكر على ما لدينا، والامتنان للإحساس بقيمتها، والتغافل عن سلبياتٍ لا تذكر ... فإنْ أدركنا قيمة ما لدينا من عملٍ نكتسب منه قوت يومنا، ويُعيننا على صعاب الحياة؛ لن نلتفت إلى ما يحيط به من سلبيات ... وإنْ أدركنا قيمة القلوب التي تهتم بنا، وتمنحنا القوة لنتحمل عقبات الحياة المعنوية والمادية؛ لن نهتم بأوهامٍ تُعكّر صفاء سكينتنا ... هنا سنصل للامتنان ومنه إلى مزيدٍ من النعم.

السعادة في السلام

السعادة في السلام ... السلام أقرب مرادف للسعادة ... سلامة القلب ... السلام النفسي ... نشر السلام ... طاقات الحب التي تجلب السعادة والسكون؛ أصل من أصول السعادة وجزاء نفيس لسالكي دروبها ... اللَّهُمَّ أنت السلام، ومنك السلام، وإليك يعود السلام، فحيِّنا ربنا بالسلام، وأدخلنا الجنة دار السلام.

التحدي الأصعب

لا تجعل السعادة رهينة لشيء أو شخص

في سنة الحياة البقاءُ لله ... فلا ترهن سعادتك بالحصول على مليون جنيه لشراء سيارة جديدة ... ولا الوصول لمنصب مرموق ... لأنّ مَن يَضَع سعادته رهينة ذلك لن يجدها في انتظاره عند الوصول إليها ... لا تجعل سعادتك مسجونة في زنزانةٍ يمتلك مفتاحَها سجّانٌ يحبه... لأنّ القلوب تتغير والأقدار بيد الله ... القوة بالله ... السند في الله ... الحُبُّ منحة من الله للقلوب ... "إنّا لله وإنا إليه راجعون".

السعادة ليست غاية، ولكنها وسيلة

فالحياة ما هي إلا خطوة للوصول لدار الآخرة حيث السعادة الأبدية ... هي وسيلة نستغلها لنعيش ... أداةٌ وهبها الله لنا لنتمكَّن من اجتياز عقبات الحياة... فاجعلوا من السعادة وسيلة وليس غاية