الأربعاء 14 مايو 2025 02:14 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

سمير إبراهيم زيان يكتب : ” حِينَ يَتَكَلَّمُ الغِيَابُ ”

الكاتب الكبير سمير إبراهيم زيان
الكاتب الكبير سمير إبراهيم زيان

في رِثَاءِ الشَّيْخَيْنِ العَلَمَيْنِ: عَبْدِ الحَلِيمِ مَحْمُودٍ وَمُحَمَّدٍ مَتْوَلِّي الشَّعْرَاوِي

كانَ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ عَبْدُ الحَلِيمِ مَحْمُودٌ، رَحِمَهُ اللهُ، مِنْ أَعْلَامِ الرُّبَّانِيِّينَ فِي هٰذَا العَصْرِ، قَامَةً شَامِخَةً، وَقِيمَةً إِسْلَامِيَّةً نَادِرَةً، لَا يَجْحَدُ فَضْلَهُ إِلَّا مَنْ أَعْمَى الجَهْلُ بَصِيرَتَهُ، أَوْ رَانَ الحِقْدُ عَلَى قَلْبِهِ، أَوْ غَلَّفَ الجُحُودُ مَنْطِقَهُ.

فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا يَقُولُونَ،فَشَمْسُ الحَقِيقَةِ لَا تُحْجَبُهَا غُيُومُ السَّفَهِ.

وَكَأَنَّمَا كَانَ أُسْتَاذًا وَمُعَلِّمًا لِإِمَامِ الدُّعَاةِ، الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ مَتْوَلِّي الشَّعْرَاوِي، رَحِمَهُ اللهُ، فَاجْتَمَعَا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ، وَمَضَيَا عَنْ هٰذِهِ الدُّنْيَا فِي سَكِينَةٍ مُهَيْبَةٍ، لَا صَخَبَ فِيهَا، وَلَا رِيَاءَ، تَارِكَيْنِ لَنَا تُرَاثًا نَابِضًا بِالحِكْمَةِ، يُلَامِسُ الأَسْمَاعَ وَالقُلُوبَ، وَيُضِيءُ العُقُولَ.

وَمَهْمَا قُلْنَا فِيهِمَا، فَلَنْ نَبْلُغَ قَدْرَهُمَا،
وَلَنْ نُوَفِّيَهُمَا بَعْضًا مِنْ جَمِيلِ مَا قَدَّمَا لِلْأُمَّةِ.

وَمِصْرُ، وَإِنْ وَدَّعَتْ هٰذَيْنِ الجَبَلَيْنِ،
فَلَمْ تَبْخَلْ يَوْمًا،
وَلَا عَقِمَتْ أَرْضُهَا عَنْ إِنْجَابِ الكِبَارِ.

وَلَكِنَّنَا — كَعَادَتِنَا — نَرَى فِي كُلِّ زَمَانٍ مَنْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ عَلَى غَيْرِ هُدًى، وَيَتَطَاوَلُ عَلَى مَنْ هُمْ أَرْفَعُ قَدْرًا، وَأَعْمَقُ أَثَرًا.

فَدَعْهُمْ فِي غَيِّهِمْ يَعْمَهُونَ،
فَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ تَمْكُثُ فِي الأَرْضِ،
وَأَمَّا الزَّبَدُ، فَيَذْهَبُ جُفَاءً.