الجمعة 23 مايو 2025 01:36 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

د.كمال يونس يكتب : مهرجانات على أطلال المسرح

دكتور كمال يونس
دكتور كمال يونس

جنحت التيارات المسرحية المعاصرة بالمسرح، وكانت ردة فعلها جلية في هجرة الجمهور للمسرح ، وفشلها في المحافظة على ماتبقى منه، وجذب جمهور التفاعل اللحظي المحتشد الذي لايبحث إلا عن الإفيهات دون أي مردود فكري أو فني قيم (جمهور الإفيهات) ، ولذا لجأ المسرحيون إلى المونودراما للجمهور النخبوي الفردي المنكفئ على الذات المتقوقع ذي العالم الخاص المنفصل عن الجمهور العام بقضاياه السياسية والاجتماعية والحياتية في ثورة جامحة رعناء على المسرح التقليدي ، ليقعوا في منطقة البين بين بجمهورهم النخبوي فلا يراهم أحد، ليصير مسرحهم مقصورا عليهم، ومحصورا داخل اهتماماتهم وعالمهم الضيق ، حتى وصل الأمر إلى أن من يقودون مسيرته مجموعة من المحتلين احتلالا استيطانيا المتربحين بفجاجة من المسرح وتحالفهم الطاغي الاستبدادي، مكونين مجموعة متشابكة المصالح مقصورة عليهم، يساندهم إعلام مسرحي مرنزق ( صحفي ونقدي معتل الضمير )، بهم ومعهم ولهم تحول المسرح إلى سيل جارف من المهرجانات المسرحية صفرية المردود بما تتضمنه من نصوصهم المسرحية التافهة، وعروضهم المملة السخيفة التي تولي ظهرها تماما للجمهور مترفعة عليه وكأنه ليس أحد أهم أضلاع العملية المسرحية ، ولم لا؟! فهم من يحضرون الفعاليات وهم المكرمون وهو لجنة التحكيم وهم لجان مشاهدة العروض واختيارها وهم الفائزون المحتكرون وهم الداعون والمدعوون وهم الناقدون و المنقودون بلا حسيب أو رقيب كمن يغنون ويردون على أنفسهم ، إن حضورهم الطاغي وتصدر أسماء طائفة المهرجانية إعلاميا لكل الفعاليات لم تعد تلقى إلا تهكما واستهجانا من جموع المسرحيين الرافضين لمسلكهم الهدام مستغلين وظائفهم وحيثياتهم الوظيفية والأكاديمية، بضاعتهم البائرة تحت مظلة التجريب الذي تحول على أيديهم إلى تجريف وتجريب وتشويه مابين استهبال واستسهال واستغفال أدى إلى تآكل وانحسار اهتمام الجمهور بالمسرح، وبالتالي لم يعد أحد يهتم بهدم المسارح وتقلص أعدادها حتى أن الحكومات تعتبر تواجدها عبئا على ميزانية الدولة حيث أن مخصصاتها تذهب لمجموعة بعينها لاتتجاوزهم، يحتكرون الإنتاج المسرحي العربي محولين إياه إلى إقطاعيةخاصة ، ومن العجب أنهم يتصدرون أسماء لجان الإصلاح التي تستعين بهم ليكملوا مسيرتهم في تدمير المسرح الذي تزخر وتذخر لجان إصلاحه المزعوم بهم .
لقد تحول واقع المسرح العربي الآن في ظل تواجد هيئات رسمية حكومية ومعاهد مسرحية والهيئة العربية للمسرح إلى مسخ مشوه ينحدر بعنف نحو الهاوية ، حيث يتباعد الجمهور عنه وتضمحل تدريجيا اهتماماتهم به وسقوطه من حساباتهم ، والقائمون على المسرح قد خربوه وأقاموا مهرجانات على أطلاله .