محمد الشافعى يكتب : الهروب الإسرائيلي إلى قبرص وأوروبا .. الفارق بين أصحاب الأرض وسارقيها


في الأزمات تظهر الحقائق، وتنكشف النوايا، وتتجلى حقيقة الانتماء للأرض المشهد الأخير لهروب الإسرائيليين من "دولتهم" المزعومة عبر اللنشات إلى قبرص وأوروبا بعد إغلاق المطارات يكشف زيف ادعاءاتهم بأن فلسطين هي "أرضهم". فكيف لمن يدعي الحب والانتماء إلى أرضٍ أن يفر منها عند أول اختبار؟ كيف لمن يروّجون لأسطورة "أرض الميعاد" أن يتركوا هذه الأرض بمجرد اشتداد الأزمات؟
الفرار بدل الصمود: انهيار الأسطورة
في كل أزمة، سواء كانت حربا أو تهديدا أمنيا أو حتى جائحة، نرى موجات من الإسرائيليين يفرون إلى الخارج، خاصة إلى دول أوروبا التي يحمل الكثير منهم جنسياتها ، الهروب عبر اللنشات إلى قبرص ليس سوى مثالا صارخا على عدم إيمانهم الحقيقي بـ"إسرائيل" كوطن، بل كملاذ مؤقت طالما توفرت لهم الحماية والرفاهية.
هذا السلوك يناقض تماما الرواية الصهيونية التي تزعم أن "شعب إسرائيل" عاد إلى "أرضه التاريخية" بعد تشتت طويل. فلو كانت هذه الأرض حقا موطنا لهم، لما هربوا منها عند أول خطر، ولما كان ارتباطهم بها مشروطا بالسيطرة العسكرية والأمان الوهمي.
الفلسطيني التمسك بالأرض حتى الشهادة
في المقابل، يقف الفلسطيني كالجبال الراسية، متمسكا بأرضه رغم القتل والتشريد والحصار، الأرض ليست مجرد جغرافيا بالنسبة له، بل هي هويته وتاريخه وكرامته ، حتى تحت القصف، وفي وجه التهجير القسري، يرفض الفلسطيني المغادرة، لأن الارتباط بالأرض ليس ماديا فحسب، بل وجوديا.
هذا هو الفارق الجوهري بين أصحاب الأرض الحقيقيين وبين المحتلين المغتصبين:
**الفلسطيني.. يدفن جذوره في تراب أرضه، فينمو منها شجر الزيتون، ويسقيها بدمائه إذا لزم الأمر.
**المستوطن الإسرائيلي.. يبحث عن مخرج عند أول صعوبة، لأن ارتباطه مصطنع، قائم على القوة والاستعمار، وليس على الانتماء الحقيقي.
الاستعمار لا يصنع وطنا
التاريخ يعلمنا أن الاستعمار لا يخلف إلا الدمار، وأن الأرض لا تملك بالقوة، بل بالانتماء والحب والتضحية. هروب الإسرائيليين هو اعتراف ضمني بأن "إسرائيل" ليست أكثر من قاعدة استعمارية، قابلة للتفكك عند أول عاصفة. أما الفلسطيني، فما زال هنا، صامداً كشجر السنديان، يروي للأجيال أن الأرض تحرر بالدم لا بالفرار.
فلسطين ستظل فلسطين، وسيبقى أصحابها الحقيقيون فوق ترابها، بينما سيزول المغتصبون كما زال كل محتل قبلهم. لأن الأرض لا تسرق، ولا تمنح بالوعد، بل تحمى بالدم والتضحيات.