دعاء محمود تكتب : تراتيل عاشقة


لما كانَ خادمُ مسجدِ الحسين جارَها، صديقَ أبيها المفضَّلِ- رحمه الله - يفتحُ لها المسجدَ وقتما تشاءُ. تُقيمُ اللَّيلَ أمام ضريحِ الإمامِ الحسينِ ، دموعُها تُغطّي وجهَها، تشهقُ، تنهجُ، وقلبُها يرتجفُ.
اتكأت على سورِ الضَّريحِ الَّذي يفوحُ منه عبقُ البركاتِ، رائحةٌ زكيّةٌ لا هي من العطورِ، ولا الزُّهورِ؛ وإنَّما رائحة ملائكية.
ناجت في بكاءٌ مُرٌّ، دموعٌ حَارَّةٌ، شهيقٌ يُسمعُ صداه في السَّماءِ، وآلامٌ حارقةٌ تُدمي قلبَها.
يا ربُّ مررتُ بأشدِّ حالاتِ الضِّيقِ حينَ أحببتُ ـ مَن ليس لي ـ؛ هذا الطَّويلَ الممشوقَ ذا اللِّحيةِ الخفيفةِ الحالكةِ، والعينين الواسعتين الملوّنتين بزرقةِ السَّماءِ، ذا الصَّوتِ الوقورِ، والكلماتِ الجادّةِ، ملابسُه بينَ العصريّةِ والكلاسيكيّةِ؛ تتّسمُ بالأناقةِ والذّوقِ، يُحبُّه كلُّ مَن يعرفه، يتميّز بحسِّ الفكاهة، جدِّيٌّ دون غلظة، أستاذي، معلِّمي، مديري في عملي، جاري؛ يكبرني بعشرين عامًا، متزوجٌ وحياتُه مستقرّة، ولكنَّني أحببته، كيف؟ لا أدري! متى؟ لا أعلم!
، بيني وبينَه أبحرٌ وجبالٌ من العوائقِ.
وحدَك يا اللهُ تستطيعُ أن تُزيلَ الحبَّ من قلبي، حتَّى أتخلّصَ من عذابِي،خذْ قلبي إليك ، أخذُ الكرامِ عليك لا تترك الحزنَ يأكلُ روحِي.
أريدُ التَّخلصَ من آلامِ الحبِّ الَّتي تحرقُ أنفاسي، وتقضُّ مضجعي، أريد الموتَ، الخلاصَ، أريد وأريد ....، .... ولا أعلمُ ماذا أريدُ.
وإذا بيدٍ تربّتُ على كتفِها؛ اللهُ أكبرُ تملأُ أركانَ المسجدِ؛ فإذا بالصَّلاةِ تُقامُ وفجرٌ جديدٌ يشرقُ.