عادل الشربيني يكتب: مونودراما الصندوق ... عن قصة الصندوق للدكتور كمال يونس


إظلام دامس , صوت عالي لصفير قطار يبدأ في الخفوت تدريجيا , بؤرة ضوء أبيض بوسط المسرح بداخلها ( وحيد ) رجل أربعيني بملابس مهترئة ذو لحية كثيفة يبدو منزعجا من صوت القطار ليظل ينظر بكافة الاتجاهات بتوتر وقلق , وما لبث أن يهدأ مع تلاشي صوت القطار ثم يهم بالجلوس , لينتفض واقفا مرة أخرى على صوت يبدو كصوت بابا حديديا تكسو مفصلاته الصدأ ليصدر صوتا مزعجا , ينتبه باحثا عن مصدر الصوت , ليفاجأة مرة أخري بصوت ارتطام قوي يشبه صوت ارتطام صندوق أو علبة صفيح بالأرض , يحاول رؤية هذا الشيء ولكنه يعجز بسبب الظلام الدامس , حينها يتغير لون إضاء البؤرة للون الأحمر ثم الأصفر ثم الأزرق ثم الأخضر ليعود تدريجيا للون الأبيض .
وحيد: متوترا
إيه يا ربي اللي بيحصل ده؟!
كل يوم دوشة وجع دماغ
مش عارف إمتى هخلص م الوش ده
ثم ينظر ناحية صوت الارتطام
مش عارف ده إيه ده
ياترى حاجة حلوة وللا مصيبة
ليسترسل :أكيد مصيبة
هو من إمتى بتيجي حاجات حلوة
يتجه بجسده ناحية اليسار مسترسلا:
ياااااااه
صحيح أنا بقالي أد إيه ماسمعتش أخبار كويسه
يتجه بجسده ناحية اليمين مستكملا حديثه
لا بس الحمد لله على نعمه وخيره أنا أحسن من غيري والله
الحمد لله والشكر لله
ليقطع حديثه صوت خظوات أقدام تقترب منه ثم تتوقف
وحيد : منزعجا
مين؟
إنت مين ؟
في حين لا يأتيه الرد
وحيد :
رد عليا
عاوز مني إيه؟
حينها نسمع صوت الخطوات مرة أخرى ولكنها تبدأ في التلاشي هذه المرة
وفي حين يتجه وحيد بنظره ناحية الصوت محاولا تفسير ما يحدث ينتبه على أصوات رعد مع إضاءة متقطعة توحي بوجود برق مع أصوات صفير إنذار مزعج يجعله يمسك برأسه ويتحرك يمينا ويسارا متألما من رأسه.
وحيد : متألما
أأأأأأأأه
دماغي هتتفرتك
صداااااع
أأأأأأأأه
ويظل يتحرك يمينا ويسارا واقفا تارة وجالسا أخرى ضاربا بيده على رأسه من شدة الألم
لينتبه على صوت ضحكة أنثى ماجنة
حينها ييترك رأسه المتألمة لينظر ناحية الصوت
وحيد : مبتهجا
أموت أناااااا
جيتي في وقتك
تعالي مش شايفك
قربي يا قمر
انتى مين
تعالي متخافيش
وحينما لم يجد ردا يجلس القرفصاء ليغط في النوم عميق يصدر عنه أصوات شخير
صوت أغنية :
عايش بيحفر في النفق وحده
مؤمن بفكرة سيبها تكسبها
وان الحياة إيه هي غير مهلة
وان المهمة ف ذاتها مش سهلة
سايب شئون الخلق للخالق
ومالوش رجا غير يحسن الخاتمة
عشمان في آخر الطريق
مايقعش في العتمة
وما لبث أن يستيقظ على صوت أذان الفجر
الصلاة خير من النوم
الصلاة خير من النوم
وحيد:
أستغفر الله العظيم
تبدأ إضاء المسرح في الارتفاع تدريجيا مع بزوغ الصبح ليظهر بجواره صندوقا حديديا كبيرا ممتلاءا عن آخره
يتجه إليه وحيد بحرص فاتحا بابه ببطء ويعبث بمحتوياته ولكن مع حركته يقع الصندوق لتتبعثر محتوياته أرضا والتي كانت عبارة عن كتب قدبمة وأشرطة فيديو وأشرطة كاست واسطوانات , يمد يده بحرص ويلتقط أحد الكتب ليصدر عنه صوت آنين لينظر إألى الأرض بحزن ثم يقوم بقذهه على يساره
ثم يلتقط كتابا آخر ليصدر عنه صوت زغاريد يبتسم حينها ويضع الكتاب برفق على يمينه
يلتقط احد الاسطوانات وينظر إليها ثم يضع يده على عينيه خجلا
قائلا :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
يسمع صوت الضحكة الماجنة لتنفرج أساريره قائلا:
أموت في الهلس
يلتقط أحد الشرائط ليصدر من خلاله صوت الأذان :
الله أكبر الله أكبر
لا إله إلا الله
ينظر إلى الأرض بخجل
حينها تصدر عدة أصوات متداخلة صوت القطار مع صوت فتح الباب مع صوت الخطوات مع صوت الضحكة الماجنة
وتظهر على وجه وحيد علامات القلق المصحوب بتعبيرات مختلفة مثل الانزعاج والتوتر ثم الراحة والخوف ثم الاطمئنان والضحك حتى يأتي صوت المؤذن ليهدأ حينها وحيد ثم ينهمر باكيا. ليبتعد قليلا ممسكا برأسه متألما قبل أن يعاود مقتربا
وحيد :
باكيا
أنا مين في دول
أنا حلو؟
وللا انا وحش؟
أنا صح ؟
وللا أنا غلط ؟
أنا ملاك ؟
وللا أنا شيطان ؟
وحيد:
ناظرا إلى السماء
صدق الله العظيم
صوت أغنية :
كل العوامل أنتجت حالة
قبلت تكون السعادة م الميلاد للنعش
تشبه للعبة في إيد عيال أشقيا
متعودين ع النهش
بيمزعوها بالبراءة ونفسها راضية
ورضاها قواها
قبلت تكون إنسان
في حديقة الحيوان اللي احنا جواها.
تمت