الأربعاء 9 يوليو 2025 01:55 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الإعلامية سماح السيد تكتب : سلسلة حرائق القاهرة... (نيران تفضح الإهمال )

الإعلامية سماح السيد
الإعلامية سماح السيد

في السنوات الأخيرة، لم تعد أخبار الحرائق في العاصمة المصرية القاهرة مفاجأة، بل أصبحت واقعًا متكررًا يدق ناقوس الخطر في وجه المسؤولين والمواطنين معًا. سلسلة من الحرائق التي اشتعلت في الأسواق، والمباني الحكومية، وحتى في المنشآت الكبرى، تؤكد أن هناك خللاً كبيرًا لا يمكن تجاهله
حريق رمسيس، حريق العتبة، حريق جراج القاهرة، حريق سوق التوفيقية، وحريق مستشفيات حكوميه... كلها حلقات في سلسلة طويلة من الكوارث المتكررة، التي غالبًا ما يتم التعامل معها بردود فعل مؤقتة، دون الغوص في جذور المشكلة.
في كل مرة تشتعل فيها النيران، يعلو الدخان ليخفي وراءه تقصيرًا ما: إهمال في الصيانة، غياب لأنظمة الإنذار والإطفاء، عشوائية في التوصيلات الكهربائية، وعدم الالتزام باشتراطات الأمن والسلامة. والنتيجة: خسائر في الأرواح والممتلكات، ومواطنون يكتوون بنار الإهمال قبل نار الحريق.
من المسؤول؟
قد يُقال إن "القضاء والقدر" وراء تلك الكوارث، لكن الحقيقة تقول إن "الفساد والإهمال" شركاء دائمون في المشهد. من يمنح التراخيص؟ من يُهمل التفتيش؟ من يتغاضى عن العشوائية؟ سلسلة الأسئلة تبدأ من الحي وتنتهي عند الوزارات، وما بينهما ضحايا لا تُحصى.
بعد كل حادث، تخرج التصريحات الرسمية عن فتح التحقيقات ومعرحريق سنترال رمسيس… نداء أخير لإنقاذ ما تبقى

في قلب العاصمة، وفي واحدة من أكثر المناطق حيوية وازدحامًا، اندلع حريق مروّع داخل سنترال رمسيس، أحد أهم المرافق الحيوية التابعة للشبكة القومية للاتصالات. مشاهد الدخان الكثيف وألسنة اللهب المتصاعدة أصابت المواطنين بالذهول، وأعادت إلى الأذهان سلسلة من الحرائق التي أصبحت مشهدًا مكررًا في شوارع القاهرة.
حريق يفضح الإهمال
اندلع الحريق في الطوابق العليا للسنترال، وتحديدًا في أماكن تحتوي على أجهزة حساسة وخوادم مهمة لإدارة الشبكة، ما أثار قلقًا واسعًا حول تأثر الخدمات الحيوية، من الإنترنت إلى الخطوط الهاتفية، ليس فقط في وسط البلد بل في عدة مناطق أخرى.

أسباب الحريق لم تُعلن رسميًا حتى الآن، وإن كانت الشبهات تدور كالمعتاد حول ماس كهربائي أو إهمال في أنظمة التبريد والتأمين، وهي تفسيرات باتت مكررة في كل كارثة مشابهة. لكن الأهم من الأسباب الظاهرة هو السؤال الأعمق: لماذا تتكرر مثل هذه الكوارث دون محاسبة حقيقية أو تغيير جذري؟

المؤسف أن سنترال رمسيس ليس مجرد مبنى إداري، بل هو قلب شبكي لملايين المستخدمين، ويضم معلومات حساسة وشبكات خوادم لا تقدر بثمن. ورغم ذلك، تبيّن أن منظومة الحماية من الحرائق كانت غير فعالة أو غائبة تمامًا، وأن عمليات الإخلاء تمت بشكل فوضوي، وسط ذهول العاملين والمواطنين
الضرر لم يكن ماديًا فقط، بل امتد إلى الخدمات الأساسية، حيث أفاد العديد من المواطنين بتعطل في الشبكات الأرضية والإنترنت، وتأخر في بعض الخدمات الرقمية الحكومية. كما تسبب الحريق في إثارة مخاوف حقيقية بشأن أمن المعلومات وسلامة البنية التحتية الرقمية في البلاد
هل سيتم التحقيق بشفافية؟ هل ستُعلن نتائج التحقيق؟ هل سنشهد تطويرًا حقيقيًا في أنظمة الحماية داخل المؤسسات الحكومية؟ أم أن الأمور ستُطوى كغيرها، وتعود الحياة إلى ما قبل الحريق وكأن شيئًا لم يكن؟
حريق سنترال رمسيس ليس مجرد حريق في مبنى... بل جرس إنذار في جسد دولة. إما أن ننتبه ونصلح، أو نواصل سياسة التجميل فوق الخراب، حتى تأتي نيران لا تُطفأ

الإعلامية سماح السيد سلسلة حرائق القاهرة... (نيران تفضح الإهمال ) الجارديان المصرية