طارق محمد حسين يكتب : ظاهرة عنف الأطفال خطر مجتمعي


لم تعد ظاهرة عنف الأطفال مجرد حوادث فردية عابرة، بل أصبحت خطرًا اجتماعيًا متصاعدًا يهدد استقرار الأسرة والمجتمع معًا ، فمشاهد العنف اللفظي والجسدي بين الأطفال والشباب، وما نراه اليوم من سلوكيات عدوانية داخل المدارس وفي الشارع، تكشف عن أزمة تربوية وأخلاقية عميقة الجذور حتى وصلت أن يقتل الطفل زميله في المدرسة او جاره كما حدث في حادث محافظة الإسماعيلية وغيرها ، فالأسباب التي أدت الي ما يعاني منه المجتمع من عنف تعود بالأساس إلي، أولاً: مافيا الدروس الخصوصية ، فبعد ان غابت المدرسة ودورها التربوي والتعليمي ، تحولت منظومة التعليم خارجها إلى سوق تجاري ضخم لكل من هب ودب عبر مراكز الدروس الخصوصية، فتُدار فيها العملية التعليمية بمنطق الربح والخسارة فقط وغياب الدور السلوكي التربوي ، هذه “المافيا التعليمية” استنزفت طاقات الأسرة الاقتصادية وأفقدت التعليم رسالته الحقيقية في بناء المواطن الصالح، فصار الطفل يشعر بالحرية المنفلتة غير المقيدة ، ما يولّد بداخله مشاعر العنف والخلل النفسي ، ثانيًا: التفكك الأسري فالأسرة هي الأمان والحصن الأول للطفل، وعندما يغيب التواصل بين الأبوين، ويعلو صوت الخلافات أو الانشغال عن الأبناء لظروف اقتصادية، يفقد الطفل الإحساس بالأمان والانتماء. فيلجأ إلى الشارع وأصحاب السوء أو وسائل التواصل الاجتماعي بحثًا عن الاهتمام ، وهناك توجد الكارثة فيجد نماذج مشوهة وسلوكيات منحرفة قد يتخذها قدوة ، تجعله أكثر قسوة وتمردًا وانفلاتا ،ثالثًا: البعد عن الدين والقيم الأخلاقية حين يبتعد الطفل عن تعاليم الدين التي تدعو إلى الرحمة والتسامح وقبول الآخر، يصبح فريسة للفراغ الروحي ، ويُصاب بعدم الاتزان النفسي، فالدين هو مصدر التهذيب والسكينة، وغيابه يفتح الباب أمام الانحراف السلوكي والعنف بكل أشكاله ،إن الحد من عنف الأطفال لن يتحقق إلا من خلال إصلاح شامل لمنظومة التربية والتعليم والإعلام والأسرة، وغرس القيم الدينية والأخلاقية في نفوس النشء منذ الصغر ، فبغير العودة إلى الدين، وإحياء دور الأسرة التربوي، وضبط التعليم ونزعه من أيدي المنتفعين، لن نستطيع بناء جيل يحمل رسالة أخلاقية وإنسانية حقيقية، وهذه قضية ام قومي فبناء الإنسان اولي الأولويات قبل بناء الجدران .