الدكتور رضا محمد طه يكتب : التنبؤ بالسرطان نعمة أم نقمة؟

استقر في وجدان وعقول الكثير من الناس أنه وبمجرد ذكر السرطان كما لو أنها النهاية الحتمية، فالبعض من ضعاف الإيمان الذين تشخيصهم بأي من أنواع السرطان حتي لو كان قابلا للعلاج والشفاء تجدهم يعيشون في يأس وخوف وهلع ومعنويات منخفضة وحالة نفسية سيئة واستسلام دون أدنى أمل أو تفاؤل وهذا ما قد يعجل بموتهم نظراً لانخفاض المناعة ومقاومة الجسم الطبيعية لما يتعرض له من أسقام ، وقد كان بالإمكان أن يعيش سنوات ما لم يعلم بإصابته تلك طبقا لحالات مماثلة تمت عليها دراسات سابقة، ما يجعل من الاكتشاف عن السرطان نقمة علي هذه النوعية من المرضى.
في المقابل يواجه البعض مرض السرطان بإرادة وعزيمة علي الشفاء بالعلاج ورضا وثقة في الأقدار مما يساعدهم أن لم يكن على الشفاء التام فإنه يطيل أعمارهم مع هذا المرض الخبيث، لذلك فإن الاكتشاف المبكر للسرطان لدى مثل هؤلاء يمثل نعمة قد تساعد فى استراتيجيات الفحص والعلاج المبكر والشفاء من بعض أنواع السرطان. في هذا السياق قام باحثون في مستشفى ماساتشوستس العام بريجهام بتطوير إختبار دم جديد يسمي فيروس الورم الحليمي-ديب سيك HPV-Deep Seek يمكن من خلاله الكشف عن السرطان قبل عشر سنوات من ظهوره بدقة عالية تصل إلى 99% وحساسية 99% خاصة سرطانات الرأس والرقبة الناتجة عن فيروس الورم الحليمي البشري قبل سنوات من ظهور الأعراض متفوقاً على جميع طرق التشخيص المتاحة ، وذلك من خلال الكشف عن اجزاء صغيرة (شظايا) من الحمض النووي الفيروسي في الدم لأشخاص لا تظهر عليهم أعراض، كما يستخدم الباحثون التعلم الآلي في تحسين قوة الاختيار بدقة عالية ما يمثل ثورة في الكشف المبكر عن السرطان ويؤدي إلى تحسين نتائج العلاج ونوعية حياة المرضى، ويجنب المصابين الآثار الجانبية التي تصاحب العلاجات مدي الحياة.
معروف أن فيروس الورم الحليمي البشري HPV مسؤول عن حوالي 70% من سرطانات الرأس والرقبة في الولايات المتحدة الأمريكية والذي يشهد ارتفاعاً مستمراً في معدل الإصابة به سنويا مما يجعله السرطان الاكثر ارتباطاً بهذا الفيروس، وبخلاف سرطان عنق الرحم الذي يمكن اكتشافه من خلال الفحص الروتيني، حيث أنه قبل هذا الاكتشاف الثوري كان لا يوجد إختبار يمكنه تحديد سرطانات الرأس والرقبة المرتبطة بفيروس الورم الحليمي البشري قبل ظهور الأعراض، مما كان يترتب عليه عدم القدرة على تشخيص معظم المرضى إلا بعد أن يتوسع الورم إلي مليارات الخلايا منتشراً إلي العقد الليمفاوية القريبة مسبباً أعراضه الملحوظة.