الخميس 30 أكتوبر 2025 08:50 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

جمال المتولى جمعة يكتب : تأثير المال السياسى فى الانتخابات البرلمانية

الكاتب الكبير جمال المتولى جمعة
الكاتب الكبير جمال المتولى جمعة

مع البدء فى العد التنازلى للانتخابات البرلمانية لمجلس النواب 2025 المقرر ان تجرى فى الحادى عشر من شهر نوفمبر من العام الحالى تزداد سخونة المشهد السياسى فى ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التى يعيشها المواطن المصرى .حيث تعود الى الساحة السياسية واحدة من اخطر الظواهر التى تهدد نزاهة العملية الانتخابية وهى ظاهرة المال السياسى الذى يعتبر قوة خفية تتحكم فى مسار الديمقراطية وتضعف من فرص المنافسة النزيهة وتؤدى الى اقصاء الكفاءات من المرشحين المستقلين الذين لا يملكون موارد مالية مما يؤدى الى عزوف واسع عن المشاركة الانتخابية . إن المال السياسي لايفسد العملية الانتخابية فقط بل يفرز برلمانا هشا يفتقر الى المصداقية والشرعية الشعبية ويبعد الوجوه القادرة على تمثيل الشارع المصرى والدفاع عن قضاياه الحقيقية ويفتح الباب امام من يسعون لتحقيق مصالحهم الشخصية عبر انشطة غير مشروعة كتجارة الاثار والمخدرات وغيرها والحماية تأتى من الحصانة البرلمانية التى تحفز المرشحين ذوى المصالح الشخصية الى دفع ملايين الجنيهات على حساب الصالح العام . ويتحول البرلمان الى نادى للاثرياء ويقضى على الكفاءات الوطنية الفعالة مما يهدر تكافؤ الفرض حيث يتيح للاثرياء الوصول الى السلطة بسهولة اكبر بينما يحرم الاخرون من المنافسة العادلة . ان هذه الممارسات تفرغ النصوص الدستورية من مضمونها الحقيقى وتحول الدولة الى كيان يحتكر فيه رأس المال وافراغ البرلمان من وظيفيته الاساسية كونه مؤسسة رقابية ليتحول الى اداه تابعة للسلطة , فنظام القوائم المغلقة قضى على مبدأ التعددية السياسية ومنع تمثيل القوى المستقلة او احزاب المعارضة لانه يجعل الفوز" صفقة كاملة" لصالح طرف واحد من دون اى تمثيل نسبى للاخرين .وخصصت بعض الاحزاب الكثير من مقاعد مجلس النواب للراغبين من الاثرياء للترشح بمقابل بمبالغ باهظة مقابل نفوذ هائل بعد حصوله على مقعد البرلمان .
الخبراء يؤكدون ان المال السياسى هو سرطان الديمقراطية لانه يضرب قيم النزاهة وتكافؤ الفرص ان التبرعات الضخمة فى الانتخابات تضعف من قيمة العملية الديمقراطية وتحول مقعد البرلمان الى قيمة مالية بدل ان يكون ساحة للتنافس السياسى والفكرى المستنير والكل يعلم ان الانتخابات من الركائز الاساسية فى بناء الانظمة الديمقراطية حيث يعبر المواطنون من خلالها عن اراداتهم واختياراتهم فيمن يمثلهم تحت قبة البرلمان ويعتبر الصوت الانتحابى امانة يتحملها كل فرد فى المجتمع
فى هذا السياق هناك بعض الملامح فى هذا المشهد الانتخابى لمجلس النواب اهمها سيطرة احزاب الموالاه على القوائم الانتخابية وامتدت الى السيطرة على مقاعد الفردى واستبعاد بعض المرشحين من احزاب المعارضة كهثيم الحريرى وغيره بمبرارات غير مقبولة رغم انهم يتمتعون بقاعدة جماهرية كبيرة فى دوائرهم الإنتخابية .
من العجيب ان هذه الانتخابات ترشح اعضاء فى دوائر ومحافظات ليسوا منها ولا يرتبط النائب بهذه الدائرة ولا بمشكلاتها ولا احتياجاتها على اساس انهم سوف ينجحون مسبقا عبر الانفاق الانتخابى الكبير
ان الانتخابات فى الدول الديمقراطية تعد المعيار الوحيد لتحقيق إرادة الناخبين وهى تقوم على حرية التصويت والاختيار ويمكن ان يشكل حزب معين الحكومة وقت ما اذا حظى بالاغلبية ثم تضغف شعبيته ليصبح ضمن احزاب المعارضة .النائب فى هذه الدول ولاؤه الاساسى للناخبين بحيث يعبر عنهم ويتفاعل مع مشكلاتهم ويسعى الى ايجاد حلول لها .
نحن نحتاج الى النائب البرلمانى الحر الذى جاء بالإرادة الحرة للناخبين دون مال سياسى ورشاوى انتخابية نقول للناخب ان صوتك امانة استخدمه بحكمة لان ذلك سينعكس على مستقبلك ومستقبل اولادك .

#جمال المتولى جمعة
المحامى -- مدير آحد البنوك الوطنية بالمحلة الكبرى سابقا

جمال المتولى جمعة تأثير المال السياسى فى الانتخابات البرلمانية