هيثم جويدة يكتب : إيزيس تستيقظ… وقيام الهرم الرابع
حين تفتح مصر أبواب المتحف المصري الكبير، فإنها لا تفتتح صرحا أثريا فحسب، بل تستيقظ فيها إيزيس من سباتها الطويل وتنهض ماعت من على عرشها لتزن قلوب الحاضرين بميزان الحقيقة إنها لحظة تتجلى فيها روح الأبدية التي سكنت رمال الجيزة منذ آلاف السنين، حين كان الفراعنة يكتبون بالضوء ويشيدون بالحلم واليوم تعود مصر لتكتب سطرا جديدا في سفر الخلود وتعلم العالم من جديد كيف تبعث الحضارات حين تمتلك الإيمان بنفسها.
في هذه اللحظة الفارقة، يقف الرئيس عبد الفتاح السيسي شاهدا وصانعا ومؤمنا بأن الحضارة لا تُحفظ في المتاحف، بل تبعث في العقول. أن المتحف المصري الكبير ليس مشروعا أثريا، بل مشروعا وطنيا للوعي والهوية، وأن حماية الأثر هي في جوهرها حماية للروح المصرية ذاتها ومن هنا جاءت رسالته: أن من يبني الإنسان، يبني حضارة لا تزول.
يبدأ المشهد كلوحة أسطورية تكتب على جدران المجد المعاصر.
ويقف الفنان الكبير فاروق حسني، صاحب الشرارة الأولى للحلم، يشهد ميلاد فكرته وهي تتحول إلى مجد مرئي أمام أعين العالم، ليعلن افتتاح المتحف المصري الكبير، فتتعانق الثقافة مع التاريخ في لحظة طال انتظارها.
يتقدم العالم الجليل مجدي يعقوب ليتحدث عن عبقرية الطب عند الفراعنة وكيف سبق المصريون العالم في فهم الجسد والروح، بينما تتصاعد خلف كلماته موسيقى عالمية تصحبها لمسات الفن في أداءٍ مهيب ثم يعتلي زاهي حواس المنصة، فينطق التاريخ بلسانه، ويستعيد مجد الأجداد أمام عيون الحاضرين لتعلو في الأفق أيدي العارضين وهي ترفع مفتاح الحياة، فتتوهج الأهرامات بأنوار تضيء سماء الجيزة في مشهد لا يُنسى.
وفي لحظة استثنائية يصل الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مشهدٍ مهيبٍ يليق بحارس الحلم المصري الحديث، لتتوالى من بعده وفود ورؤساء دول عربية وأوروبية وآسيوية، يشهدون على ميلاد الهرم الرابع في ثوبٍ ثقافي عالمي.
يتحدث بعدها فاروق حسني مجددًا بصوته العميق: “الحلم أصبح حقيقة”، ثم يُلقي الدكتور خالد العناني، الوزير السابق والمرشح لليونسكو كلمته عن الهوية المصرية التي لا تنطفئ ويلتقط بعدها الصورة التذكارية الكبرى التي تجمع رؤساء العالم وكبار الشخصيات، أمام المتحف الذي صار رمزا للخلود، بينما تقدم فرقة من طوكيو اليابان عرضا فنيا مبهرا تتبعه الفنانة العالمية شيرين أحمد في أداءٍ أوبرالي يخطف الأنفاس، قبل أن تختتم الليلة بأنغام عزفٍ برازيلي نابضٍ بالحياة ثم مقطوعة من نيويورك تعلن للعالم أن الحضارة المصرية ما زالت تلهم الأرض من جديد. وتتلألأ الأهرامات في الخلفية كأنها تصفق للحلم الذي صار حقيقة، ليشهدوا ميلاد “الهرم الرابع”؛ الهرم الذي لم يبنى من حجر، بل من علم وإبداع وإرادة لا تقهر.
أن المتحف المصري الكبير ليس بيتا للآثار، بل معبد ماعت الجديد… معبد للدهشة والخلود. في قاعاته تسري أنفاس رمسيس، وتلمع عينا توت عنخ آمون كما لو أنه يبتسم لزائريه من وراء الزمن. الجدران تهمس بلغات فرعونية عتيقة، والهواء يعبق بحكمة الأجداد الذين قالوا في بردياتهم: “من عرف نفسه، عرف طريق الأبدية” هنا لا تشاهد الماضي، بل تعيشه. لا تزور التاريخ، بل يزورك هو ليذكرك بأنك من سلالته.
لقد بات المتحف المصري الكبير مرآة لروح مصر الحديثة، تلك التي فهمت أن الحضارة ليست ما ورثناه فقط، بل ما نصنعه استكمالا لذلك الإرث. الحضارة لا تعيش في الصناديق الزجاجية، بل في القلب الذي يعرف قيمتها والعقل الذي يحسن روايتها. مصر لا تكرر الماضي، بل تخلق زمنا جديدا من ملامحه وتؤكد أن الطريق إلى المستقبل لا يبنى إلا على جذور تمتد في الأبدية.
هكذا تتجلى مصر كما عرفها التاريخ وكما يراها الغد… إيزيس التي تبعث الروح من رمادها ونيل لا يعرف السكون وشعب ولد من ضوء الشمس لا من طين الأرض إنها أم الحضارة التي لا تشيخ، أرض النور التي تعيد كلما شاءت بناء مجدها، لا من الرماد بل من الضوء إنها مصدر الحكاية التي لا تنتهي، لأنها الأصل والبداية معا.
رسالتنا للعالم: أن مصر لا تعيد الماضي، بل تبدع مستقبلا من ملامح الخلود من أرض الأهرامات ينبعث صوتها من جديد ليقول إن الحضارة لا تموت وإن الزمن المصري لا يقاس بالسنين بل بالعظمة من هنا تتحدث القوة الناعمة لوطن صنع الدهشة ثم أعاد تعريفها وحين يلتقي الحلم بالهوية، يصبح المتحف المصري الكبير أيقونة القرن الجديد.
تلك هي مصر… تبني الهرم الرابع لتذكر العالم أن المجد له عنوان واحد.












إحالة سيدة تدير ناديا صحيا بدون ترخيص لممارسة الأعمال المنافية للآداب بالجيزة...
مصرع شخص في حريق بمخزن خردة بشبرا الخيمة..
إصابة 5 أشخاص في انقلاب ميكروباص على الصحراوي الغربي بالفيوم
قرار جديد من المحكمة في أولى جلسات محاكمة البلوجر أم مكة بتهمة...
توقيع اتفاقية مصرية إيطالية لإنتاج الغاز الحيوي ودعم الطاقة النظيفة
اسعار الذهب اليوم خارج مصر
أسعار الدولار أمام الجنيه اليوم الاثنين في مصر
أسعار الذهب في مصر اليوم الأحد 19 أكتوبر 2025