الأربعاء 5 نوفمبر 2025 08:20 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

جمال المتولى جمعة يكتب: التخطيط الخفى لتقسيم السودان

مال المتولى جمعة
مال المتولى جمعة

ان العنف ضد الفاشر لم يكن عشوائيا بل جزء من استراتيجية لتحقيق اهداف عسكرية وسياسية واقتصادية . المدينة تقع عند طرق حيوية تؤدى الى الخرطوم وينالا دولايات درافور الاخرى مما يجعل السيطرة عليها مفتاحا لتحكم كامل فى خطوط الامدادات وحركة المدنيين والمسلحين اقتصاديا حيث تحتوى المدينة والمناطق المحيط بها على منجم ذهب .
لقد كشفت هذه الكارثة عن عمق التخطيط الخفى الذى يستهدف نهب ثروات السودان الهائلة فى مقدمتها الذهب ..
ان قوات مايسمى التدمير السريع ترتكب جرائم حرب دموية بقيادة المتمرد حميدتى بدعم من قوى اقليمية ودولية تدير المشهد بخيوط لم تعد خفيه ضمن مشروع لا يريد للسودان ان ينهض ولا لشعبه ان يتماسك . بلد كانت تعد سلة غذاء افريقيا تحولت الى ساحة للفوضى والمجاعة والتدمير والتهجير لملايين السودانيين والموت للعديد من المدنيين *اطفال ونساء وشيوخ * فمنذ بداية الحرب استخدمت الامارات نفوذها وأموالها لدعم قائد التمرد حميدتى حليفها الاول والمورد الرئيسى لتهريب الذهب لها .. يقول كاميرون هادسون المسؤول السابق فى CIA والباحث فى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن " وفق المعلومات المفتوحة تضاعف حجم الدعم الاماراتى لقوات الدعم السريع منذ استعادة الجيش الخرطوم فى ابريل 2025 الامارات مستعدة لفعل كل شىء لتمكين قوات الدعم السريع من الانتصار ميدانيا ولو على حساب السماح بالفظائع التى نراها اليوم فى الفاشر , بدون دعم الامارات لقوات الدعم السريع لكانت هذه الحرب أنتهت منذ زمن"
ان سيطرة المتمرد حميدتى على الفاشر بالنسبة لقوات التدمير السريع يعتبر انتصارا سياسيا مهما لها وقد تعجل بتقسيم دولة السودان عبر تمكين هذه القوات من تعزيز سيطرتها على اقليم درافور مترامى الاطراف الذى اخذته قاعدة لحكومة موازية شكلتها فى صيف هذا العام
لقد تجاوزت المأساة حدود الوحشية العسكرية الى الانحطاط المطلق ميليشا الدعم السريع التى تمتلك طائرات مسيرة متطورة وفرق اعدام للسيطرة على السكان لا تكتفى بالقتل بل تتخذ التحويع سلاحا استراتجيا للهيمنة وافقار ممنهج بهدف احداث تمزيق جغرافي ومجتمعي منسق . هذا فى حين الملايين من السودانيين يعانون من فقدان سبل العيش وتشهد البنيه التحتية تدمير وتعطيل لكافة الخدمات الاساسية
ان ما يجري فى السودان ليس نزاع على السلطة بل ابادة شاملة على السودان وطنا وشعبا. ما يزيد الألم أن ترتكب هذه المجازر اليومية تحت سمع وبصر المحتمع الدولى بكافة مؤسساته ومنظماته دون ان تهتز ضمائرهم التى كانت تزعم الدفاع عن حقوق الانسان
المؤلم حقا اكثر من الجريمة ذاتها هو صمت العواصم العربية والإسلامية... اين الجامعة العربية ؟ اين منظمة التعاون الاسلامى ؟اين الدول التى تزعم الدفاع عن قضايا الامة؟ بل هناك تقاعس متعمد وموقف سلبى غير مبرر يتجافى مع كافة مواثيق حقوق الانسان والشرائع السماوية .

#جمال المتولى جمعة
المحامى -- مدير أحد البنوك الوطنية بالمحلة الكبرى سابقا

جمال المتولى جمعة التخطيط الخفى لتقسيم السودان الجارديان المصرية