ميلاد يونان يكتب : التعليم الخاص في مصر... بين ”البريستيج” والواقع
لم تعد أزمة التعليم الخاص في مصر مجرد أخبار عابرة أو شكاوى متفرقة من أولياء الأمور، بل أصبحت كاشفة لخلل عميق في منظومة يُفترض أن تحتضن الأطفال وتفتح لهم باب العلم لا باب الجباية.
مدارس تتزين بواجهات لامعة، وتغرق الأهالي في شعارات براقة مثل "الاعتماد الدولي" و"التعليم العالمي" و"المدرسة الذكية"، بينما تبقى الحقيقة محجوبة خلف أبواب مغلقة بلا رقابة او محاسبة، ويُترك الطالب يواجه مصيره بعيدًا عن أي معايير حقيقية للجودة أو الأمان.
المفارقة المؤلمة أن ما يُباع أولًا في كثير من هذه المدارس ليس «المعرفة»، بل "البريستيج" و الوهـم: وهم الجودة، ووهم الانضباط، ووهم الأمان. يدفع الأب والأم دم قلبهما على أمل تعليم أفضل، ليكتشفا أن ما دُفع لم يكن ثمن مستقبل طفل يحتاج من يفهمه ويحمي حقه، بل ثمن مقعد في مبنى مكيف لا أكثر.
تزداد الصورة قتامة عندما ترتفع الأقساط بلا تفسير، وتُفرض الزيادات كأمر واقع، ويختفي «السيستم» فجأة عندما يطلب وليّ الأمر إيصال أو جدول حصص أو معلومة واضحة!!.
وفي الوقت الذي تُخصص فيه ميزانيات ضخمة لتجميل الفصول وتجديد الواجهات، يُعامل المعلم كعامل موسمي لا صوت له، بلا تدريب حقيقي أو بيئة عمل تحترم جهده ودوره الأساسي في العملية التعليمية.
المشكلة الأكبر ليست في المصروفات، بل في غياب الرقابة. فمن يراجع المناهج المستوردة بلا روح؟ ومن يتفقد عقود العاملين؟ ومن يضمن أن المشرفات مؤهلات للتعامل مع طفل قد يبكي خوفًا أو ألمًا؟ وكيف تتحول مدرسة يفترض أنها خاصة إلى مساحة مفتوحة للفوضى بمجرد غياب الإدارة؟
الخبراء يشددون على أن التعليم الجيد لا يبدأ من اللوحات الذكية أو الأبنية الحديثة، بل من معلم مطمئن، ومدير واعٍ، وفصول تراعي إنسانية الطفل قبل درجاته.
ومع ذلك، بعض المدارس الخاصة تقدم خدمة لا صلة لها بجوهر التعليم، وكأن الهدف الأول والأخير هو دفتر التحصيل لا مستقبل الطالب.
الصورة الأوسع تؤكد أن التعليم الخاص لم يعد حلًا بديلًا، بل تحول إلى سوق مكتملة الأركان بلا قانون يحمي المستهلك الأول: الطفل.
لا مستقبل لبلد تُترك فيه أهم سنوات عمر أبنائه لرحمة من يملك لا من يُتقن، والإجراءات الحكومية الأخيرة بزيادة الرقابة خطوة مهمة لكنها وحدها لا تكفي للإصلاح الحقيقي.
والإصلاح الحقيقي يبدأ عندما تدرك المدارس أن الأمان ليس خدمة إضافية، والمعلم ليس بندًا قابلًا للاستبدال، والطفل ليس رقمًا في كشف المصروفات، بل إنسان يبدأ منه كل شيء وينتهي عنده كل معنى للتعليم.
التعليم الحقيقي لا يُباع ولا يُشترى… والمدرسة التي تفشل في صناعة إنسان، مهما كانت أسعارها ومظاهرها، فهي ليست مدرسة، بل مجرد واجهة خاوية.
# ميلاد يونان ـ ناشط حقوقي ـ












إصابة مسن نتيجة اصطدام دراجة بخارية به في المقطم
القبض على سائق ميكروباص دهس فتاة وصديقتها
حبس مدير كيان تعليمي وهمي في مدينة نصر 4 أيام على ذمة...
إجراء تحليل مخدرات لـ 60 سائقا خلال حملات موسعة على الطرق السريعة
استقرار أسعار الذهب في بداية تعاملات اليوم الاحد 23-11-2025
أسعار الذهب اليوم الأربعاء فى محلات الصاغة
أسعار الذهب اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025
أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025