الأربعاء 17 ديسمبر 2025 11:16 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

طارق محمد حسين يكتب : نحو عودة الهيبة للمعلم.

الكاتب الكبير طارق محمد حسين
الكاتب الكبير طارق محمد حسين

غريب ما يحدث في قلب معظم المدارس الحرم التربوي والتعليمي، المؤسسة التي وجدت لإعداد أجيال المستقبل، لكنها تحوّلت إلى مسرح لجرائم عنف وتنمر وسخرية من المعلمين ، هذه الأيام لا يمكن وصفها إلا بأنها ناقوس خطر يدقّ في وجه المجتمع بأكمله، للأسف تنتشر مشاهد لا تنسى… وجرس إنذار يجب أن يوقظ حتى أكثرنا لامبالاة. من أين جاء هؤلاء الصبية بكل هذه القسوة ؟ وأي عالم يخلق مراهقين قادرين على التفكير والتصرف بهذه الطريقة؟
هل تحوّل العنف ضد المعلمين والمعلمات واثاث المدرسة إلى مشهد يومي عابر؟
هل أصبحنا نتلقى الأخبار ونشاهد وكأنها نشرات جوية… نمصمص الشفاه ونتندر علي ايام عزيزة ولت ؟ حين كان للمعلم والمدرسة الاحترام والتبجيل والهيبة ، والسؤال كيف
نحاكم المجرمين في حق مربيهم ،بل كيف نعيد لمؤسسات التربية والتعليم هيبتها بعد إهدار كرامة المعلم … لماذا لا نناقش أصل العفن بدلًا من مجرد تنظيف آثار الرائحة؟ ،المشهد يتكرر لأن الأسباب واضحة… لكن الجميع يتجاهلها إنها مراكز الدروس الخصوصية التي انتزعت دور المدرسة التعليمي وافسدت الدور التربوي، وفوضى السوشيال ميديا واعمال تندرج تحت الفن ، وهي ترويج يومي للكراهية والتحريض للعنف ، انتشار المخدرات في متناول من هم أصغر من أن يعرفوا معنى كلمة مسؤولية ،ثقافة مستحدثة تسخر من المعلم وتهمش التعليم ، وتطبع الانفلات الاخلاقي، وتعتبر الاعتداء وإهانة المعلم “رجولة” . مع إعلام غارق في التريند والراقصات والمشاهد الاستهلاكية، بدلًا من الوعي والإصلاح ،ودور الأمن وحده لا يجدي ،الأمن يطارد المجرم… لكن من يطارد الانفلات الأخلاقي والسلوكي ؟ الذي يصنع المجرم قبل أن يُصبح مجرمًا؟ ، بعد قضائي أكثر من ٣٥ عاما في خدمة التعليم، وقد مرت بنا أجيال كانت تبادلنا الحب والاحترام ، اطالب أن تعود التربية العسكرية بدء من المرحلة الاعدادية بإشراف من القوات المسلحة، وأن تكون هناك سلطة للتأديب والتهذيب وردع المخالف ، فما نراه اليوم يتطلب رقابة حقيقية، وقوانين ولوائح مُحكمة تمنع الاستخفاف والكراهية والتحريض ضد أي معلم أو معلمة، نريد إعلامًا لا يكتفي بالنشر ، بل يقدّم وعيًا حقيقيًا…نريد مجتمعًا يرفض أن تكون هيبة المعلم والمدرسة هدفًا سهلًا .العنف لا يزيد صدفة… بل يتغذّى كل يوم وعندما نصمت عن جذوره… فإنه يتكاثر ،وحين نُبرره فإنه ينهض أقوى ويتوحش ،وما لم نواجه أسبابه بجرأة ووضوح… سنظل نمشي في دائرة مغلقة لا تنتهي ،ومع ذلك سنظل نتكلم مهما سكت الآخرون .

طارق محمد حسين نحو عودة الهيبة للمعلم. الجارديان المصرية