دكتورة هبة الله حجاج تكتب : العالم يصرخ في صمت
لم يعد ما يشهده العالم اليوم مجرد أزمات اقتصادية عابرة أو خلافات سياسية تقليدية، بل أصبح حالة صدام مفتوح بين قوى كبرى تتصارع على النفوذ في نظام دولي يتهاوى تدريجيًا. العالم يقف فعليًا على صفيحٍ ملتهب، حيث تحولت الأزمات الاقتصادية إلى أدوات ضغط سياسي، وأصبحت الشعوب وقودًا لصراعات تُدار باسم المصالح والاستراتيجيات الكبرى.
الاقتصاد العالمي لم يعد محركًا للنمو بقدر ما أصبح سلاحًا في معركة النفوذ. التضخم، وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، وانهيار العملات، لم تأتِ فقط نتيجة أزمات طبيعية أو ظروف طارئة، بل هي نتاج مباشر لسياسات مدروسة، وحروب غير معلنة، ويدفع ثمنها المواطن العادي قبل صانع القرار. هذا الاختناق الاقتصادي أعاد إحياء خطاب القوة، وفتح الباب أمام سياسات أكثر تشددًا، وأحيانًا أكثر فوضوية في الخفاء، تُرسم خرائط جديدة للعالم. لم يعد الصراع يدور حول الحدود فقط، بل حول من يملك مفاتيح الاقتصاد العالمي: الطاقة، الغذاء، الممرات التجارية، والتكنولوجيا. المخططات التي تُدار اليوم لا تهدف إلى إنهاء الأزمات، بل إلى إدارتها واستثمارها لإعادة توزيع القوة. عالم ما بعد الهيمنة الأحادية ، لكن ثمن الانتقال إليه باهظ وخطير.
الصين تتحرك كقوة صاعدة لا تخفي طموحها في كسر احتكار النفوذ الغربي ، تعتمد على المال والاستثمار وبناء شبكات النفوذ في الاقتصادية طويلة الأمد. في المقابل، اختارت روسيا طريق المواجهة الصريحة، مستخدمة أوراق الطاقة والقوة العسكرية لإعادة فرض نفسها لاعبًا لا يمكن تجاوزه ، ويعيد العالم إلى منطق الكتل المتصارعة، وإن اختلفت الأدوات.
أوروبا، التي طالما تغنت بالقيم والاستقرار، تجد نفسها اليوم مكشوفة أمام أزماتها الداخلية. تبعية الطاقة، والضغط الاقتصادي، وصعود التيارات الشعبوية، كلها عوامل جعلتها ساحة ارتدادات للصراع بدلًا من كونها طرفًا قادرًا على قيادته ، ما أفقدها هامش المناورة والاستقلال الحقيقي.
أما الولايات المتحدة، فتبدو وكأنها تتراجع عن دور الشرطي العالمي، لكنها في الواقع تعيد ترتيب أوراقها، تاركة ساحات ملتهبة خلفها. هذا الانسحاب الجزئي لا يصنع فراغًا بريئًا، بل يفتح المجال لفوضى محسوبة، تُستخدم فيها الصراعات الإقليمية كأدوات استنزاف، دون تدخل مباشر، لكن بنتائج مدمرة.
وفي قلب هذا المشهد، تقف الدول العربية في موقع بالغ الخطورة. فهي ليست بعيدة عن الصراع، ولا تملك في كثير من الأحيان أدوات التأثير فيه. اقتصاداتها تتأرجح مع أسعار الطاقة والغذاء، وعملاتها تتعرض لضغوط مستمرة، بينما تتزايد الأعباء الاجتماعية على شعوبها. بعض الدول استطاعت المناورة والاستفادة من التحولات الدولية، لكن الغالبية تدفع ثمن صراعات لم تكن طرفًا في صناعتها، لكنها واقعة تحت تأثيرها المباشر.
إن ما نعيشه اليوم ليس أزمة عابرة، بل لحظة كاشفة لنظام عالمي فقد توازنه الأخلاقي والسياسي. عالم تُدار فيه الأزمات بدلًا من حلّها، وتُستخدم فيه الشعوب كأرقام في معادلات القوة. الصفيح ملتهب، والاحتكاك يزداد، والسؤال لم يعد إن كان الانفجار قادمًا، بل متى، ومن سيدفع ثمنه الأكبر.












محامي سارة خليفة أمام هيئة المحكمة: شاهد الإثبات لم يتعرف على موكلتي...
البحث عن ضحايا عقار إمبابة المنهار..
وفاة طالب إثر سقوطه من الطابق الثاني بالمنيا
النيابة العامة تصدر قرارات عاجلة بعد تسرب غاز الفيوم بجوار مستشفى الصدر
أسعار الذهب في الصاغة اليوم الجمعة
سعر الدولار اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025 مقابل الجنيه المصري
أسعار الدولار أمام الجنيه اليوم الأربعاء
أسعار الذهب اليوم في مصر..