الأحد 28 ديسمبر 2025 07:39 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

محمد خليفة يكتب : حين تفاجئنا المخاطر للمرة العاشرة… في ظل تخطيط مؤسسي منعدم

الكاتب الكبير محمد خليفة
الكاتب الكبير محمد خليفة

ليست المشكلة في المخاطر فالمخاطر بطبيعتها متوقعة ومتكررة ومذكورة في كل أدبيات الإدارة الحديثة، لكن المشكلة الحقيقية أننا ما زلنا نتعامل معها وكأنها أحداث طارئة تظهر فجأة وتختفي دون أن تترك أثرًا في الذاكرة المؤسسية.
للمرة العاشرة تتكرر المخاطر نفسها بالوجوه ذاتها والسيناريو ذاته ورد الفعل ذاته دهشة مصطنعة بيانات متأخرة اجتماعات عاجلة ثم صمت إلى أن تعود المخاطر من جديد.
في المؤسسات ذات الطابع الإعلامي، يفترض أن تكون الرؤية أوضح والإنذار مبكرا والاستعداد جزءا من طبيعة العمل.
لكن الواقع يكشف أن التخطيط لم يتجاوز كونه بندا إداريا، أو ملفًا محفوظًا أو حديثًا موسميا يظهر مع كل أزمة ثم يختفي بعدها.
لا توجد خريطة مخاطر حقيقية ولا سيناريوهات جاهزة ولا تقييم لما سبق كل خطر يعامل كأنه الأول وكل أزمة تدار بمنطق رد الفعل لا بالفعل الاستباقي.
فالأخطر من تكرار المخاطر هو تكرار الذهول أن تفاجأ مرة مفهوم ومرتين مقبول لكن أن تفاجأ للمرة العاشرة، فذلك ليس سوء حظ بل فشل مؤسسي مكتمل الأركان.
التخطيط المؤسسي في كثير من الحالات غائب عن الممارسة حاضر فقط في الخطاب.
لا يتحول إلى سياسات، ولا إلى آليات، ولا إلى ثقافة عمل.
يبقى حبرا على ورق بينما تتحرك المخاطر بثبات ووضوح.
والمفارقة أن هذه المؤسسات تطالب غيرها بالشفافية، وبالاستعداد، وبإدارة الأزمات بينما تعجز داخليا عن تطبيق أبسط قواعد التخطيط وإدارة المخاطر.
ما يحدث ليس أزمة عابرة، بل نمط متكرر نمط يكشف خللا في الفهم قبل التطبيق وفي الثقافة قبل الأدوات فالمخاطر لا تفاجئ من يراقب ولا تربك من يستعد ولا تربك من يتعلم من أخطائه لكنها تفعل ذلك دائمًا حين يكون التخطيط المؤسسي منعدما أو مؤجلا أو مجرد شعار للاستهلاك.
والسؤال الذي يتكرر بعد كل مرة: هل ستظل المخاطر تفاجئنا أم أن المفاجأة الحقيقية ستكون يوما ما في وجود تخطيط فعلي لا شكلي؟

#محمد خليفة... مستشار التطوير المؤسسي وإدارة المخاطر.

محمد خليفة محمد خليفة ... يكتب: حين تفاجئنا المخاطر للمرة العاشرة… في ظل تخطيط مؤسسي منعدم الجارديان المصرية