الأحد 8 سبتمبر 2024 03:43 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب : بالعقل أقول ...( ثقافة جدتى ...)

خالد درة
خالد درة

جدتي رحمها الله ... هي التي كنت أناديها "نانا" ...
كانت حين تسمع حديثنا عن حرب أو تشاهدها على التليفزيون ... تسألنا : يا ترى هؤلاء مسلمين ولا كفار ...!!؟
وحين تسمعنا نتحدث عن صدّام حسين أو جمال عبد الناصر أو نيلسون مانديلا أو أو ... غيرهم من الزعماء الخالدين .. تسألنا : هو مع المسلمين وألاّ مع الكفار ...!!
وكانت حين تشاهد معنا فيلم سنيمائي فى التليفزيون ويقع فيه فيه قتلى ومصابين ... من هنا وهناك تسألنا : من فاز ؟ المسلمين وألا ّ الكفار ..!!
وحين ترانا منغمسون في مشاهدة مباراة كروية ... بين فريقين أوروبيين أو نشجع البرازيل في كأس العالم ... أو مباراة مثيرة و ممتعة بين الأهلي والزمالك ، كانت تقف قليلاً أمام الشاشة وتسألنا : مين هُمّا المسلمون ... ومين هُمّا الكفار ...!!؟
جدتي كانت ترى الدنيا كلها فيلم الرسالة ... ولا مجال فيها إلّا لأن تكون إما حمزة أو أبا جهل ...!!
كانت ترى الدنيا كلها بالأبيض والأسود ... وكانت كل التناقضات محسومة بالكامل في عقلها ...!!
كنت أفكر أحياناً أن أخبرها ... أنه يوجد أيضاً مسلمون كفار ... و كفار مسلمون ... بأفعالهم وتصرفاتهم ومعاملاتهم مع البشر ، ويوجد أيضاً بين هذا وذاك الكثير من غير المصنفين أصلاً ... لا هم مسلمون ولا هم كفار ، هؤلاء المنعزلون عن الحياة ، المنطوون على أنفسهم رافضين المشاركة المجتمعية فيما بينهم وبين الناس ، هؤلاء هم السلبيون عديموا الحيلة ، الذين ينظرون إلى الحياة بنظرة سطحية لا عمق فيها ولا تأمل ولا إيجابية ، كنت سأقول لها ذاك لكنني لم أكن أفعل ...!!
ربما إتقاءاً لضربة عفوية منها توجعني ...أو ربما خوفاً من توبيخها لى بألفاظٍ وشتائم أعرفها جيداً منها ولا داعى أن أسمعها منها ،،
أو ربما لأنني أخشى أن تضمني إلى فريق الكفار ...!!
جدتي ماتت قبل أن ترى الدواعش والفواحش فى حياتنا ...!! عن القتل والسفك والتحرش ... ماذا كنت لأخبرها لو أنها عاشت وسألتني عنهم ...!!؟؟
جدتي ترقد الآن بين يدي ربها ... ومازال صوتها يرن في أذني : من هم المسلمون ومن هم الكفار ...!!؟؟