الخميس 25 أبريل 2024 04:07 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

د. حمدى الجابرى يكتب : آثارنا والسد الأثيوبى والتفكير خارج الصندوق .

د. حمدى الجابرى
د. حمدى الجابرى

رغم كل المخاطر التى تتعرض لها مصر فى الداخل أو الخارج التى أصبح على رأسها جميعا السد الأثيوبى ، أعادت مصر تذكير العالم بحضارتها العريقة وآثارها المذهلة بالعرض المبهر لنقل ملوك مصر الى المتحف الجديد الذى مايزال أثره يتردد فى الخارج والداخل ليس فقط بقدرة الأحفاد على الإتيان بالجديد المبهر ولكن أيضا باعلان تقديرهم لما قدمه الأجداد للبشرية وعرفانهم بفضلهم .. تماما كما يفعل العالم خارج مصر وهو مالمسته بنفسى أثناء رئاستى لوفد ثقافى فى قول عمدة البلدة أثناء تقديمه للوفد لأهل البلدة : هؤلاء أحفاد صناع حضارة عريقة عندما كان أجدادنا يعيشون فوق الأشجار ..
وأعتقد أن هذا الأثر كان هدفا للجهات المنظمة للإحتفالية الكبيرة وقد تحقق بالفعل بالتذكير بالكنوز الأثرية التى تملكها مصر ومايمكن أن يتحقق من خلال الاحتفال من ترويج للسياحة وجذب المزيد من السياح وتأكيد أمن وأمان وجمال مصر رغم كل آثار كورونا المحاصرة للعالم الذى بدأ ليس فقط مقاومتها بالتطعيمات والإرشادات ولكن أيضا بالإصرار على أن تسير الحياة رغم أنف كورونا ..
من ناحية أخرى ، فان هذا الإحتفال الكبير يساهم ولاشك فى تدعيم معارض الآثار المصرية المنتشرة فى بلاد العالم المختلفة والتى تسعى الى تحقيق نفس أهداف الدعاية لمصر والترويج للسياحة فيها ، تلك المعارض التى نشطت كثيرا فى السنوات الأخيرة مع وزير الآثار الحالى خالد العنانى الذى أكد أن هذه المعارض الخارجية هدفها تحسين الصورة الذهنية عن مصر والترويج للمقاصد المحلية والأثرية وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول فهى حسب وصفه خير سفير لمصر وكذلك طمأن الناس فى مصر مؤكدا أن( المعارض الخارجية تتم بشكل قانونى وتغادر بخطاب ضمان حكومى، وخطاب من السفارة وآخر بنكى، كما أن الوزارة تحدد شركات التأمين والطيران ويرافق القطعة فى الذهاب والعودة شرطة السياحة والآثار ومرممون، إضافة إلى مفتش آثار ثابت ومقيم طوال فترة المعرض) بجانب أن الهدف من عودة حركة معارض الآثار الخارجية إيجاد موارد لتمويل خزينة الآثار الملزمة بدفع 150 مليون جنيه شهريا رواتب فقط للعاملين بها ..
كل ذلك وأكثر منه يمكن بل يجب قبوله والتسليم به خصوصا بعد هذا العرض الاحتفالى الكبير وبسببه ونسيان مؤقتا أن هذه المعارض أصبحت تشكل مثل وزارة الكهرباء مايشبه العمل فى الخليج لبعض العاملين فيها وضيوفهم من رجال شرطة السياحة والآثار وغيرهم من العناصر المصاحبة لكل معرض وهذا لا اعتراض عليه مثل عدم الاعتراض مؤقتا على أن تكون هذه المعارض مصدر دخل لوزارة الآثار لدفع التزاماتها للعاملين فيها كما صرح الوزير نفسه لأن هذا الأمر مالم تحكمه قواعد قانونية ملزمة ربما يصبح ذات يوم مثل الإرتزاق حتى من .. سرقة وتهريب الآثار التى شارك فيها المستعمر الأجنبى لمصر وبعض أفراد الجاليات الأجنبية وأحفادهم التى تظهر آثارها فى مزادات بيع الآثار المصرية القديمة فى مختلف بلاد العالم ..
الأهم هنا والآن .. ليس فقط الإكتفاء بانتظار تلقى المديح على هذه الإحتفالية النادرة ولكن محاولة استثمار نتائجها فى العالم عن طريق إعادة التفكير فى إعداد خطاب اعلامى وأثرى وسياسى مختلف يركز على الخطر الذى تتعرض له آثار مصر وأحفاد هؤلاء الملوك العظام الذين تم نقلهم بل والذى تتعرض له مصر نفسها بسبب هذا السد الأثيوبى المخالف لكل القواعد والاتفاقيات الدولية والذى إذا لم يكن خطيرا فقط فى بنائه على غير أسس هندسية فانه على الأقل سيهدد مصر وأهلها بالعطش والجوع والأخطر بفناء مصر والسودان فى حالة انهياره .. ومعها كل آثار تلك الحضارة القديمة التى يتغنون بها وأهلها .. قدامى وجدد.. والطريقة لابد أن تكون فعلا راقية بإعلان الحزن على وقوف العالم يتفرج حتى على الرئيس الأمريكى الجديد الذى لم يذكر موقف سلفه أو حتى عدم احترام الجانب الأثيوبى للإتفاق الذى تهرب من توقيعه فى أمريكا ..
ولكى يكون هذا الحزن واصلا لشعوب العالم أو ربما مؤثرا أكثر من الشجب والتنديد يمكن أن تعلن معارض الآثار المصرية القديمة عن أغلاقها لمدة ثلاثة أيام أو حتى يوم واحد تطوعا من جانبها لدعم حق مصر فى الحياة التى يهددها السد الأثيوبى ومن يقف خلفه .. أما وزير الآثار فربما يفكر فى استكمال الإستفادة من إستغلال القوى الناعمة هذه بدعوة بعثات التنقيب الأجنبية عن الآثار فى مصر لمناقشة إمكانية وقفها الى أن تتضح نهاية للتعنت الأثيوبى أو لمدة شهر حزنا على ما آل اليه الحال بينما العالم .. يتفرج .. لا سمح الله ليس عقابا لأحد ولكن حزنا ..
وأظن أن مسكنة اثيوبيا للعالم وإدعاء البحث عن الكهرباء والمماطلة لإستهلاك الوقت ولعشرة أعوام يمكن أن تجعلنا ونحن فعلا عكسهم .. صادقون.. أن نفكر أيضا .. خارج الصندوق ..