الخميس 28 مارس 2024 02:05 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الدكتور محمد فتحى عبدالعال :يكتب : كلمة أخيرة

الدكتور محمد فتحى عبدالعال
الدكتور محمد فتحى عبدالعال

اتسعت في الآونة الأخيرة أزمات الصيادلة بشكل كبير وأصبحت تتصدرها مؤخرا أزمة تكليف الصيادلة دفعات 2018 و 2019 وممارسة ضغوط على وزارة الصحة لتعيين الدفعتين بشكل كامل وهو حق مشروع للصيادلة ما دامت الوزارة قد كلفت البعض من الدفعتين.. يبقى السؤال ماذا لو لم تكلف الوزارة باقي الصيادلة من الدفعتين؟! وماذا لو أصبح هذا الوضع هو الشغل الشاغل للدفعات القادمة 2020 و2021 وهكذا؟!..بالتأكيد ستصبح مسألة مستعصية على الحل وقد يدفع الحكومة إلى الإعلان عن إلغاء التكليف للصيادلة بشكل كامل والاستعاضة عن هذا النظام بالعقود المؤقتة حسب الاحتياج ويفتح الطلب في عام ويغلق لأعوام لذلك لابد من قراءة المشهد الحالي بذهن عاقل والبحث عن حلول واقعية توسع مجالات العمل وفي الوقت ذاته تخلق صيدلي كفء قادر على المنافسة . اقترح منها :
1-التوسع في المجالات الصيدلانية ووضع التشريعات التي تضع للصيادلة حقوق حصرية في بعض المجالات كالدعاية الطبية والتصنيع الدوائي وأن تصبح هذه المجالات قاصرة على الصيدلة بالقانون خاصة وأن معظم المواد المؤهلة للتصنيع يدرسها طلبة الصيدلة مع وجوب إضافة الدعاية الطبية لتصبح مادة دراسية بكليات الصيدلة.
من المجالات الأخرى الصيدلة الخضراء والتي لابد وأن تحل محل محلات العطارة التي تغزو أنحاء مصر دون ضابط أو رابط والأعشاب الطبية تماما كالدواء في سميتها وضرورة تقدير جرعتها بشكل صحيح ومنضبط.
مجال التغذية العلاجية هو الآخر مجال دخله الصيادلة مؤخرا ولابد من تشريعات قانونيه تحدد عمل الصيادلة به ولابد أيضا من قسم للتغذية العلاجية بكليات الصيدلة منفصل عن الكيمياء الحيوية لضمان جودة تعليم الطالب الصيدلي وإلمامه الكامل باحتياجات هذا المجال.
2-تطوير التعليم الصيدلي بكليات الصيدلية وفق آليات محددة فليس من المقبول أن يكون التعليم الاكلينيكي لطالب الصيدلة قاصرا على القادرين على الدفع المالي للتعليم المميز والدبلومات بل لابد وأن يكون التعليم الصيدلي منذ البداية محدد لهدف الخريج بين أن يكون صيدلي تصنيع أو صيدلي مجتمع أو صيدلي مستشفى وهكذا فيصبح التعليم موجها ومفيدا للصيادلة كلا وفق وجهته وتخصصه المستقبلي الذي يطمح إليه وليس تعليما مشتتا فتجد صيدلي مجتمعي يتسائل لماذا درس خمس سنوات كيمياء عضوية وتحليلة ويكون مكانه صيدلية مجتمعية يفتح فيها نشرة الدواء ليجيب عن أسئلة المرضى !!فالأولى كان أن يدرس دراسة اكلينيكية في هذه السنوات الخمس ومهارات التعامل مع المرضى والأدوية اللاوصفية المصرح له بصرفها. فالتعليم الموجه والمتخصص لابد وأن يكون على قائمة الحلول للنهوض بمهنة أصبحت مريضة ليس في مصر وحدها بل بدول عربية أخرى كثيرة.
إضافة لذلك هناك مواد دراسية لابد وأن تكون من محاور الدراسة الصيدلانية مثل مكافحة العدوى والجودة والمعلوماتية الصحية واليقظة الدوائية وإدارة الأعمال وإضافة هذه المواد للمناهج الدراسية وإنشاء دبلومات ودرجات ماجستير ودكتوراه بكليات الصيدلة من شأنه أن يعلي من رصيد الصيدلي ويثقل من مهاراته ويضعه على ساحة سوق العمل حكوميا كان أو خاصا بشكل قوي وهادف.
3-إلغاء النقابات ففلسفتها ولت وانقرضت فهي فكرة ولدت مع الاشتراكية والدفاع عن حقوق العمالة الوطنية أثناء الاحتلال وبعده ومع رحيل الاحتلال وانقراض الاشتراكية أصبحت مرتعا للتيارات الدينية ومسرحا للمعارك السياسية والحزبية وبين الأمس واليوم ضاعت ملامح العمل النقابي ولم تثمر النقابات عن انتصار واحد لحقوق الفئات التي من المفترض أنها تدافع عنها وغاصت أرجلها أكثر وأكثر بين العمل الارتجالي والصراعات والاتهامات المتبادلة والبعد عن العمل التنظيمي والمؤسسي المهني ولقد ضربت النقابة العامة للصيادلة المثل والحجة في غياب المهنية وتغليب المنفعة العامة لمنتسبيها على الخلافات الشخصية وأدى الصراع والشقاق بين مجلسها إلى فرض الحراسة عليها في النهاية. لذا فالنقابات هي جزء من تاريخ آن له أن يمضي ويوضع بين دفتي كتبه للدروس والعبر.
وارى أن الانتفاع بمقرات هذه النقابات وتحويلها لخدمة التعليم الصيدلي المستمر هو أمر نافع وأن الاجدى هو انشاء هيئة للتخصصات الصحية والتعليم المستمر بشكل مستقل او بالتبعية لوزارة الصحة لتحل محل النقابات ويكون مهمتها الارتقاء بمهارات الصيدلي وتطوير الجانب المعرفي والعلمي لديه ومراقبة تراخيص مزاولة المهنة .
التعليم الموجه المتخصص واستمراره هو الحل
4-تشجيع فكرة السلاسل الصيدلانية الشبابية بالقرى والمراكز والمدن ورعاية الدولة لذلك وتخصيص قروض ميسرة لشباب الصيادلة للقيام بهذه الفكرة وتشجيع التأمين الصحي الشامل للتعاقد معهم فمثلا بقرية ما خمس صيدليات لا يفصلها سوى بضعة أمتار وتقدم نفس الشكل البدائي من الخدمة للجمهور. ماذا لو اندمجت هذه الصيدليات في شكل مؤسسة واحدة ولها نظام إلكتروني مرتبط بعيادات الأطباء في المنطقة؟! فترسل الروشتة إلكترونيا ويتم مراجعتها من قبل الصيدلي ووضع ملصقات بالجرعات ومدة العلاج إلكترونيا على علب الدواء ويحكم هذه الصيدليات نظام محاسبي وشكل تنظيمي من حيث وجود مدير للصيدلية على مدار الساعة وصيادلة بوظائف ومسؤوليات محددة ولهم زي رسمي خاص وكروت وظيفية بالاسم والمهنة فمن حق المريض أن يعرف مع من يتعامل..
المؤسسية والتنظيم هما الحل.
5-إلغاء عهدة الصيدلي في العمل الحكومي أو الخاص ذلك الحمل الثقيل الذي يحمله الصيدلي فوق ظهره والبديل هو انتقال هذه العهد لمحاسبين داخل الصيدليات أو وضع كاميرات داخل الصيدليات لمراقبة عمليات الصرف هذا الفصل بين الصيدلي والعهدة يخلق له متنفسا للتطوير والتماس السبل نحو التعليم المستمر في تخصصه.
إذا الحل في الإصلاح الصيدلي يكمن في السعي إلى تشريعات تحدد مهام الصيدلي بوضوح وتخصصاته الحصري منها والمشارك فيها مع المنظومات الأخرى فضلا عن التعليم الملامس لاجتياجات المجتمع ضمن استراتيجية مكتملة.


#د. محمد فتحي عبد العال
كاتب وباحث