الخميس 3 يوليو 2025 08:04 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب: بالعقل أقول…( لقاء الشياطين لتقرير المصير..! )

الكاتب الكبير خالد درة
الكاتب الكبير خالد درة

تأتي القمة بين الرئيس الأميريكي دونالد ترامب و رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 7 يوليو الجاري ، في خضم تطورات دراماتيكية في الشرق الأوسط ، من إيران إلى غزة ، مروراً بسوريا ..

تدفع إدارة ترامب نحو ترتيبات شاملة ، متنبهة إلى الترابط القائم بين الأزمات .. تعمل على مسار وقف النار في غزة ، و تدفع في الوقت نفسه إلى اتفاق بين سوريا و إسرائيل ينهي حال العداء بين الجانبين ، و تضغط في لبنان لحسم ملف سلاح "حزب الله"..

و في خلفية هذه المسارات ، تعرض واشنطن على إيران المجيء إلى طاولة المفاوضات لإبرام اتفاق نووي الآن ، أو البقاء عرضة للضغوط القصوى و احتمال شن ضربات أميريكية و إسرائيلية في المستقبل ، للحؤول دون تمكينها من ترميم برنامجها النووي ..

و القمة بين ترامب و نتنياهو ، مفتوحة على مفاجآت بالنسبة لوقف النار في غزة ، و كذلك على صعيد التقدم نحو اتفاق سوري - إسرائيلي لم تتبلور بعد طبيعته ، فهل يتخذ طابعاً أمنياً فقط ، أم يتجاوز ذلك نحو البحث في تطبيع كامل للعلاقات؟ ..

الأمر التنفيذي الذي وقعه ترامب برفع العقوبات عن سوريا ، و حديث وزير الخارجية ماركو روبيو عن رفع قريب لسوريا عن لائحة "الدول الراعية للإرهاب"، يدلان على قطع شوط مهم نحو ترتيبات تقع بين الأمني و السياسي ، أقله في المرحلة الحالية ، في انتظار تهيئة ظروف التطبيع مع دول عربية أخرى .. و هذا تطور مرتبط بإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة أو بوقف نار مستدام ..

فلماذا التركيز الأميريكي على سوريا الآن علماً أن الملف الإيراني لم يقفل بالكامل؟ فبسقوط نظام الأسد خسرت طهران سوريا التي كانت نقطة ارتكاز النفوذ الإيراني في المنطقة .. و إذا ما بقيت السلطات السورية الجديدة في حال ضعف ، فإن واشنطن تخشى أن يقود ذلك إلى حالة من عدم الاستقرار أو حتى الانهيار و التفكك ، وفق ما حذر روبيو في مايو الماضي .. و تخشى أميريكا أن سوريا المفككة ستجعل من السهل على إيران بناء مواقع نفوذ فيها ..

و مهمة أميريكا الآن ، هى دعم الحكم الجديد و تحصينه برفع العقوبات الأميركية و تدفق الاستثمارات الغربية و العربية ، بينما الاتفاق المحتمل مع إسرائيل يكرس انتقال سوريا بالكامل من محور إلى محور .. و في هذا السبيل ، أسقطت واشنطن الكثير من المطالب التي كانت وضعتها كشروط مسبقة للتعامل مع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع ، مثل طرد المقاتلين الأجانب أو الأخذ في الاعتبار واقع الأقليات العرقية ، كالأكراد و الأقليات الدينية مثل العلويين و الدروز و المسيحيين .. و تضغط واشنطن على "قوات سوريا الديموقراطية" ( قسد) لتنفيذ اتفاق مارس ، الذي نص على "الاندماج" بالجيش السوري الناشئ بحلول نهاية العام ..

و بما أن موازين القوى مختلة إلى حد بعيد لمصلحة إسرائيل بعد 22 شهراً من الحروب ، التي مكنتها من السيطرة المطلقة على أجواء الشرق الأوسط ، فإن أي اتفاق سلام مع سوريا سيأتي ليعكس هذا التفوق .. و من هذا القبيل ، يشدد المسؤولون الإسرائيليون على أن أي اتفاق مع سوريا ، لن يتناول هضبة الجولان المحتلة ..

إذن ، قمة ترامب نتنياهو مفتوحة على اختراق في أزمة من أزمات المنطقة .. و تسري تكهنات كثيرة لا تستبعد مثلاً أن يزور الشرع واشنطن بالتزامن مع زيارة نتنياهو .. أو ربما يعلن ترامب عن موعد لسريان هدنة في غزة ، و الانتقال إلى عملية التطبيع بين السعودية و إسرائيل ..

كل ذلك يعني الدخول في مرحلة جَنْي المكاسب الاستراتيجية لحروب إسرائيل ، و نتيجة لانحسار النفوذ الإقليمي لإيران .. و بكلام آخر هي الترجمة العملية للشرق الأوسط "المتغير" منذ 7 أكتوبر 2023 ..
و لن تقتصر قمة ترامب و نتنياهو على الاحتفال بـ"النصر الكبير" وفق تعبير رئيس الوزراء الإسرائيلي ، إنما هي المنطلق لصياغة جديدة لحدود المنطقة ، و حصد المكافآت السياسية ، و الوصول إلى تحقيق أهداف الحرب ، بالديبلوماسية .

خالد درة بالعقل أقول …( لقاء الشياطين لتقرير المصير..! ) الجارديان المصرية