الخميس 28 مارس 2024 12:22 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم يكتب : برامج الحوارات وطامة التريندات

الكاتب الصحفى إسماعيل أبوالهيثم
الكاتب الصحفى إسماعيل أبوالهيثم

لا اكون متجنيا إذا قلت بأننا لو أجرينا رصدا أو جردة حساب بين البرامج الإجتماعية منها والثقافية وحتي السياسية سنجد أنه من العسير أن نصادف نموذجا ينأي بنفسه عن الجري وراء التريندات حتي ولو عرض للوم والمساءلة المهنية .حتي جاز لنا أن نعنون مقالنا هذا ببرامج الحوارات وطامة التريندات.
منه لله الذي أطلق مقولة الجمهور عايز كده ردا علي سؤال له لماذا تنتج افلام العنف والعري والسفالة والاجرام ؟.
لقد كرس بمقولته هذه أن الغاية تبرر الوسيلة ؟فكان صاحب السبق في تسخير أمواله لصناعة وتمكين «التافهين» عبر الصرف عليهم ببدخ ومنحهم مبالغ طائلة . وذلك لاستخدام هؤلاء التافهين في ضرب الثوابت الأخلاقية وهدم الذوق العام عن طريق تسويق ونشر «ثقافة التفاهة» التي ينتجونها!.
لم ينتج هؤلاء فيلم لاعلاء القيم أو توسيع نطاق العلم بقضية هامة أو إلقاء الضوء علي مشكلة تواجه المجتمع أو تبني عدد من الشباب المبدعين في مختلف التخصصات . إذ ليست من أهدافهم دعمهم لما في هذا من خطر علي ثقافة التفاهة والتي تخدمهم في بيع بضاعتهم .لذا جروا وراء كل فكرة سطحية تضمنت تصرفات عبثية مُستهجنة، وسلوكيات مُخالفة للأخلاق والذوق العام، ظنا وزعما أن هذا هو ما يصنع «الشهرة» على مبدأ «خالف تُعرف»!
بعدها وجدنا»نجوم التفاهة» يركبون طائرات خاصة، وسيارات باهظة الثمن، ويسكنون فنادق فاخرة ليس من أموالهم بل بأموال الشركات التجارية التي تستضيفهم وتُسوقهم تسويقاً لثقافة التفاهة لبيع بضاعتهم على من يستهوي «التفاهة»!
المؤسف جداً؛ أن بسبب ما فعلوه أصبحت «التفاهة « هدفاً لدى الكثيرين؛ فهي تحقق الأحلام السريعة وتجعل من هو مفلس مهماً.
اذا كنا نقبل باستضافة هؤلاء التافهين عبر مواقع التواصل الاجتماعي غير المهنية كضيوفاً !، بغية الحصول علي عدد من المشاهدة يحقق لهم إعلانات تنعشها مادياً
فلن نقبل بحال من الأحوال أن يتم استضافتهم في برامج حيوية ومن قبل إعلاميين مُحترمين في برامج تعودنا فيها مشاهدة مفكرين ومبدعين؛ فتساوت الرؤوس لدى المشاهدين وهم يسمعون تحليلاتهم في قضايا المجتمع والاقتصاد مع من ينادي علي بطته شيماء .
أخشي أن تقوم برامج أخري في استضافة صاحب البطة تقليدا لإعلامي كبير . خصوصاً ونحن في زمن التقليد فيصبح صاحب شيماء في الصفوف الأولى من الفعاليات الإعلامية راميا بأهل الرأي والثقافة في الصفوف الخلفية
إذا استمر هذا الوضع فلا نستبعد ظهور بعض البهلوانات علي الشاشات والمنصات الإعلامية . فالجو العام يشجع على ذلك، فما علي هواة الشهرة وحب الظهور إلا أن يفتحوا لهم حسابا في أحد مواقع التواصل الاجتماعي ثم يملؤها بصور ومقاطع الاستهبال واستخفاف الدم كالقفز والرقص والضحك الهستيري والاستهزاء بالآخرين، وإطلاق الأصوات الغريبة والكلام الذي لا معنى له، والخروج عن الذوق العام والنداء علي شيماء واخواتها
إن نداءا واحدا من هؤلاء الأرجوزات علي اي ضالة كفيلة بتجميع أعدادا غفيرة من الأطفال والشباب الصغار إضافة لضعاف العقول من الكبار ومن ترضي أذواقهم هذه التفاهات المطروحة من قبل مشاهير ونجوم الغفلة.
ما يحدث حاليا تعدى الحدود الطبيعية إلى أن تحول لعملية سريعة جدا لصناعة التفاهة والتافهين والدفع بهم للساحة كنجوم سوبر ستار .بدلا من العلماء والأدباء والشعراء والمثقفين الذين كانوا يوما ما قدوات الأجيال في حياتهم.ولنا رجاء من أصحاب القنوات ومقدمي البرامج أن يتوقفوا عن جعل الناس التافهين مشهورين، بل إننا نتوجه بهذا الرجاء للناس كافة ولمؤسسات المجتمع الإعلامية والاجتماعية،
قد يسأل سائل .ماخطورة استضافة هؤلاء في البرامج الحوارية؟
لا تخرج اجابتي بغير التاكيد علي أن في ذلك خطورة علي صغار السن ومحدودي الفهم والإدراك والتي يخشي عليهم ..التباسا .. بأن دعوة هؤلاء من قبل البرامج الجادة يفهم منها أنها تعني مصادقتها الرسمية ورضاها عن تصرفاتهم وهنا يكمن الخطر ويسكن الداء حيث سيشجع على «صناعة التفاهة» ومتابعة التافهين وتحويلهم لقدوات وانتظار مقاطعهم بشغف والجري وراء إنتاجهم الرديء ونشره في المواقع و الجروبات.
الخلاصة.
نحذر من خطورة توسيع نطاق العلم بالتفاهة والتافهين وإلا امتد خطرهم وأصبح الناس يتناقلون مقاطعهم بكل سذاجة لتنحدر أخلاقيات الأبناء وتتشوه الذائقة وتتلاشى القيم الجميلة دون أن يقوم المجتمع بمؤسساته وأفراده في تحجيم هذه الظاهرة، وإيقاف هذا المد التافه!