السبت 21 سبتمبر 2024 03:54 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

دكتور علاء الحمزاوى يكتب : (وإن عدتم عدنا) ...قانون إلهي

دكتور علاء الحمزاوى
دكتور علاء الحمزاوى

أفسد اليهود إفسادا عظيما مرتين وعوقبوا به مرتين، وكان إفسادهم في المرتين استحلالهم المحرَّمات ونقضهم العهود وانتهاكهم للحرمات وإيمانهم ببعض الكتاب وكفرهم ببعض وتآمرهم على أنبيائهم إلى حد القتل، وكان آخر من قتلوه يحيى بن زكريا، وقد بدأ الإفساد الأول في عهد موسى حتى عهد سليمان، فحلت بهم العقوبة الأولى بتسليط البابلين عليهم، حيث هزموهم وأزالوا دولتهم وجاسوا ديارهم (خرّبوها واستولوا عليها)، وحرفوا توراتهم، وأخذوهم أسرى إلى بابل، فعاشوا في النفي المذل والغربة الأليمة مدة طويلة، ثم أعيدوا إلى فلسطين في عهد كورش ملك فارس، فعادوا إلى الإفساد؛ فحلت بهم العقوبة الثانية من الرومان، حيث ضربوهم ضربة قاضية أنهت وجودهم في فلسطين، وتبّروا (دمروا وأهلكوا) ما بناه اليهود وأعلوه، وفرقوهم في أنحاء الأرض، وهو تفسير {ليسؤوا} أي بعثناهم ليسؤوا وجوهكم، فلم تقم لهم قائمة بعدها، ولم يكن لهم وجود في فلسطين منذ ذلك حتى جاءت الصهيونية العالمية الحديثة؛ فأعادت لليهود القوة والكثرة والمال والإعلام لدرجة أنهم هزموا الجيوش العربية سنة 1948، وقيل: الإفساد الثاني ما أحدثته الطوائف اليهودية في المدينة المنورة من غدر ونقض عهد وتعاون مع المشركين ضد رسول الله والمسلمين، والعقوبة الثانية تمثلت في دخول عمر بن الخطاب المسجد الأقصى، لكن هذا التفسير بعيد؛ لأن الله وصف المعاقبين بأنهم مخربون مدمرون فقال فيهم: (فجاسوا خلال الديار) و(ليتبروا ما علوا تتبيرا)، والمسلمون لم يفسدوا ولم يخربوا بيت المقدس، بل لم يكن اليهود في فلسطين لما فتحها المسلمون، وقيل: الإفساد الثاني هو ما يقع من اليهود حاليا ضد الفسلطينيين من تشريدهم وقتلهم وهتك حرماتهم وتخريب ديارهم وإخراجهم منها وفرض وجودهم العدواني بقوة السلاح، فهم حاليا أكثر قوة ومالا وأعوانا ونفيرا (إعلاما)، وعلى ذلك فالعقوبة الثانية لم تقع، ويُنتظَر وقوعها، لكن الأرجح أن الإفساد وقع مرتين وأن العقوبتين وقعتا، وما يحدث الآن من إفسادهم يندرج تحت القانون الإلهي: {وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا}، فعادوا إلى الإفساد، وسيعاقبون لا محالة؛ لأن القائل هو الله.