السبت 27 يوليو 2024 05:00 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

وليد نجا يكتب : التدليل الزائد للأبناء نقيصة و مفسدة لأمن المجتمع

الكاتب الكبير وليد نجا
الكاتب الكبير وليد نجا

تراودني أحلام وذكريات الطفولة بين الحين والآخر فهي منقوشة في مخيلتي استزيد منها حبا ودفئا في اوقات الصفا وعند لقاء أصدقاء الطفولة واحن إليها من وقت لأخر فنحن محظوظين كأجيال تربت على القيم والعادات والتقاليد الراسخة و المتوارثة من جيل إلى جيل فمصر من الدول التي تفرض ثقافتها وقيمها على الجميع فبالرغم من وجود العديد من الجاليات العربية والأجنبية في مصر على مر العصور إلا انهم هم من تطبعوا بالعادات والتقاليد المصرية وخاصة بعد الجيل الثاني منهم ولاتستطيع أن تفرق بينهم وبين المصريين.
ومع التطور الزمني وبظهور عصر العولمة تداخلت الثقافات بين جميع دول العالم بسبب التطور التكنولوجي الرهيب وتوافر وسائل الاتصالات التي هي تمثل ميزة في تنوع الثقافات وعيب لعدم وجود رقيب أو حدود للحرية ودائما ألتمس العذر للأجيال الشابة فهم يعيشون في فتنة تكنولوجية يستطيعون وهم في غرفتهم المغلفة بالضغط على زر أن يعيشوا في عالم افتراضي بعيد عن الواقع ويمكنهم أن يكونوا صداقات مع شخصيات إفتراضية من جنسيات متعددة يعيشون في مجتمعات تختلف عنا في القيم والعادات والتقاليد والدين ونتيجة المدد الطويلة التي تقضيها الأجيال الشابة في الفضاء الإلكتروني ومع أختلاف الأعمار والتجربة يحدث أنعزال لبعضهم عن الواقع نتيجة حداثة السن وقلة التجربة الحياتية ويحدث تداخل للبعض منهم في عدم القدرة على التفرقة مابين ماهو صواب وما هو خطأ كونة غير ملائم للقيم المجتمعية وزاد من تفاقم المشكلة التدليل الزائد من بعض الأباء والأمهات لإبنائهم وعدم أشراكهم في مشاكل الحياة ومن أجل تدليلهم يعملون في أكثر من وظيفة لتوفير إحتياجاتهم المعيشية ويوجد البعض منهم منشغل عن تربية الأبناء بالعالم الافتراضى الانترنت مما افقد بعض من جيل الشباب الخبرات المتراكمة من جيل إلى جيل واصيبت أغلب الأسر في الوطن العربي بالخرس العائلي فالكل مشغول عن الكل بالانترنت والسعى وراء الرزق .
وبالمقارنة بين علاقة الأسر بإبنائهم في عالمنا العربي الان وماكان علية في الأجيال السابقة قبل ظهور الانترنت نجد اننا ونحن أطفال كنا محظوظين فعالمنا كان محصور بين العادات والتقاليد المتوارثة من جيل إلى جيل ونتعلم ونثتقي ثقافتنا في جميع البلاد العربية من الأذاعة المصرية والعربية ومن حكايات ابلة فضيلة ومن مشاهد الأفلام والمسلسلات المصرية والعربية و أفلام الكارتون و اسهم ذلك في الحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا وكون شخصيتنا وجعلنا واقعيين نعيش في المجتمع و نتعايش مع الجميع وكانت المهمة الرئيسية للأباء والأمهات في أجيالنا هي تربية أبنائهم والتفرغ لهم ومشاركتهم الحوار والطعام والشراب وكان التعليم في اضيق الحدود ولم تكن هناك رغبة في تعليم البنات في الأجيال التي سبقت جيلنا عكس ماهو موجود الان فكنت من المحطوظين فكان جدي لوالدتي رحمة الله علية المربي الفاضل عبد العزيز نجا من التنوريين فكان ناظر المدرسة الإبتدائية في قريتنا واول من علم البنات وكل اخوالي وخالاتي رحمة الله سبحانة وتعالى على من توفى منهم وأطال عمر الباقين كانوا معلمين في التربية والتعليم فوالدتي تربت على القيم والعادات والتقاليد وتعلمت فزادها العلم سعة أفق وثقافة وقدرة على الاعتماد على النفس وقد زرعت والدتي ووالدي في شخصيتي وشخصية اخوتي منذ الصغر الاعتماد على النفس فإتذكر على المستوى الشخصي أني قد تركت قريتي للدراسة وانا في المرحلة الثانوية ومن بعدها الكلية وكنت أعيش بمفردي في القاهرة وأتردد على اسرتي نهاية كل أسبوع َوفي بعض الأحيان كل أسبوعين اوثلاثة ولم تكن هناك اتصالات بيني وبين اسرتي فلم يكن هناك وسائل للتواصل كما هو الآن.
أحبتي نحن العرب اول من اسس قواعد التربية بحكم العادات والتقاليد فالنخوة والشرف وصلة الأرحام وجبر الخواطر والرجولة وغيرها من الصفات الحميدة من سمات مجتمعاتنا العربية وقديما كانت المجتمعات العربية والأسر العربية تفطم أبنائها بعد وصولهم سن البلوغ وتعتمد عليهم وتصاحبهم وتشاركهم وتستمع إلى أفكاره فظهر منهم المبدعون والمفكرون فالتربية علم متوارث ولكي تعود لنا أحبتي الريادة في كافة مناحي الحياة فنحن العرب اصل الحضارة فلابد أن نجتهد جميعا في تربية الأبناء والبنات ومحتم علينا أن نعلمهم بجانب القيم والعادات والتقاليد وأن لا نكتفي بتعليمهم في المدارس والجامعات وأدعوكم وأدعو نفسي إلى العودة إلى الجذور العربية في تربية أبنائنا وبناتنا ومعاملتهم بالقسوة المحسوبة عند الخطأ والرفق واللين والرحمة عند تعليمهم فالتدليل الزائد مفسدة تخلق جيل لايعتمد على نفسة ويسبب مشاكل لكل من حولة وفي ذلك مفسدة للترابط الأسري وأمن المجتمع.

وليد نجا مقالات وليد نجا التدليل الزائد للأبناء نقيصة و مفسدة أمن المجتمع