الدكتورة رشا ربيع الجزار تكتب: الشتاء ورعب التغيرات المناخية


يلقي تغير المناخ بظلاله المتشعبة على مجمل النواحي الاقتصادية؛ كونه من أكبر التحديات التي تواجه العالم اليوم ومستقبلا، بعد أن أضحت حالات الجفاف والفيضانات والعواصف الاستوائية وغيرها من الظواهر المناخية المتطرفة أكثر شيوعاً
وأوضح السفير مصطفى الشربينى سفير ميثاق المناخ و الخبير الدولى فى التغيرات المناخية ، أن فترة الشتاء من ديسمبر إلى فبراير هي الآن أسرع فترة احترار في مواسم الثلاثة أشهر بالنسبة لما يقرب من 75% من الولايات المتحدة، وفقًا لتحليل بيانات درجة الحرارة في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، من قبل مجموعة المناخ المركزية، وهي مجموعة أبحاث مناخية غير ربحية، حيث نظر التحليل في متوسط درجات الحرارة في فصل الشتاء لـ240 موقعًا في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ووجد أن اتجاه الاحترار الشتوي يغطي كل ركن من أركان الخريطة، فقد ارتفعت درجات الحرارة في 97%، أو 233 من المواقع منذ عام 1970، لافتا إلى أن هناك عدة أسباب تجعل فصل الشتاء الأكثر دفئًا مثيرًا للقلق للغاية، منها تدمير المحاصيل والنباتات، فنحن نشهد نتائج الاحتباس الحراري العالمي بشكل أكبر خلال فصل الشتاء، حيث إنه أسرع موسم احترار، وبخاصة الشتاء الشمالي الأكثر سخونة، مع ارتفاع درجات الحرارة بأكثر من 5 درجات فهرنهايت منذ عام 1970، وغالبًا ما تكون معدلات الاحترار أكبر عند خطوط العرض الأعلى، ويرجع ذلك جزئيًا إلى انخفاض الغطاء الثلجي، الذي يكشف أسطح الأرض الداكنة التي تمتص المزيد من أشعة الشمس.
المحور الأول : اثر تغير الطقس الشتوى على النشاط الزراعى العالمى
وذكر "الشربينى" أنه يمكن أن يكون الطقس الشتوي الأكثر دفئًا مدمرًا للمحاصيل والنباتات عندما تفتقر إلى الطقس البارد الذي تحتاجه للبرودة، وهي مرحلة مهمة في الحياة، إذا غابت يمكن أن تؤدي إلى إنتاج أقل للفواكه وإضعاف النباتات التي تكون أكثر عرضة للآفات، ويمكن أن تزهر هذه النباتات أيضًا في وقت مبكر جدًا، قبل وصول الملقحات المهاجرة ويحدث التجميد الأخير، وفي المزارع، تخسر صناعة الفاكهة والمكسرات التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات مع دفء الشتاء، حيث يجب أن تتعرض تلك الأشجار لدرجات حرارة باردة أثناء الشتاء، تعرف بفترة السكون، مما تسمح لها بالإزهار بشكل صحيح في الربيع، ومن ثم الإنتاج الجيد، ومع انخفاض وقت البرودة قد يكون هناك كميات أقل من المنتجات وبخاصة الفاكهة متساقطة الأوراق، مثل الجوز والفستق والكرز، وما تبقى من المرجح أن يكون ذا جودة رديئة، كما يزيد موسم النمو الأكثر دفئًا والأطول من التعرض للآفات وحبوب اللقاح، مما يؤدي إلى تفاقم الحساسية، ويعرض المزارعين لتكلفة أعلى لاستخدام الكيماويات بشكل مفرط، ويسبب ذلك أيضا أضرارا صحية بالغة على الإنسان.
وتغيرات طقس الشتاء تؤدي إلى حدوث تغيير بالخريطة الإنتاجية للمحاصيل الزراعية على مستوى العالم. ويشدد على أن بعض المحاصيل تتأثر بالتغيرات المناخية بشكل واسع، على سبيل المثال إنتاج الشاي في الهند والكاكاو في البرازيل والحبوب في مناطق أخرى حول العالم، مما سيؤدي إلى خسائر اقتصادية فادحة لبعض الدول المُصدرة لتلك المحاصيل.
المحور الثانى : أثر تغير مناخ الشتاء على التجارة الدولية
تلعب التجارة الدولية وهي عملية تبادل السلع والخدمات والموارد بين شتى بلدان ومناطق العالم، دورا لا غنى عنه في تعزيز النمو والتكامل الاقتصادي والتنمية، ومع ذلك، فإن التجارة الدولية تتأثر بتغير المناخ، بشكل مباشر وغير مباشر؛ سواء من خلال ما يشكله من تهديدات خطيرة للبنية التحتية البحرية وطرق النقل أو التأثير على الإنتاج والاستهلاك والتوزيع والجودة والأسعار وغيرها.
ينعكس تغير المناخ بشكل كبير على التجارة العالمية بمختلف الطرق، وقد يكون له تداعيات سلبية على الاقتصادات والأعمال التجارية. وهذه بعض الطرق التي يمكن لتغير المناخ أن يؤثر بها على التجارة:
● تغيرات في الإمدادات والطلب: تغيرات المناخ قد تؤدي إلى تقلبات في إنتاج المحاصيل والموارد الطبيعية الأخرى، بما يؤثر على الإمدادات. كذلك فإن زيادة درجات الحرارة أو تغيرات في نمط الأمطار يمكن أن تؤدي إلى تقلبات في الطلب على منتجات محددة.
● تغيرات في اللوجستيات والنقل: ارتفاع مستويات البحار قد يؤدي إلى زيادة في تكاليف النقل البحري وتأثير على الإمدادات اللوجستية.
● زيادة في الحوادث الطبيعية: مثل الأعاصير أو الفيضانات، وبما يؤثر على شبكات النقل وتأخير الشحنات.
● تأثيرات على البنية التحتية: تغير المناخ يؤثر على البنية التحتية للدول، مثل الموانئ والطرق والسكك الحديدية، مما يؤدي إلى تأثير على التجارة الدولية.
● تكاليف التأمين: أي زيادة في حدوث الكوارث الطبيعية قد تؤدي إلى زيادة في تكاليف التأمين على الشحنات والبضائع.
● تأثير على الصناعات الحساسة للبيئة: بعض الصناعات تكون أكثر حساسية لتغير المناخ، مثل الزراعة والصناعات البتروكيماوية، مما قد يؤدي إلى تأثير كبير على التجارة في هذه القطاعات.
● التشريعات البيئية: قد تزيد التشريعات البيئية المتعلقة بتغير المناخ من التكاليف التي تتحملها الشركات في عمليات الإنتاج والنقل.
المحور الثالث : أثر تغير مناخ الشتاء على تربية الحيوان
من المرجح أن تختلف الأثار والاستجابات لارتفاع درجات الحرارة لممارسة الزراعة في جميع أنحاء العالم. وبالنسبة لسلالات الثروة الحيوانية فهي الأقل عرضة للحرارة ويمكن استخدامها ، ولكن هذا التغيير قد يزيد قابلية عوامل ممرضة معينة في بعض المناطق، وسيتم نقل مزيد من الحيوانات للداخل، في محاولة لتجنب التعرض للحرارة والضغط. إن التغيرات المناخية قد تساعد أيضًا على انتقال مسببات الأمراض بين الحيوانات ، مما يؤدى إلى تحميل أكبر مسببات المرض في البراز وزيادة انتشار التلوث
فقدان الحرارة في المواشي
وتتعدد طرق فقدان الحرارة بالنسبة للمواشي لكنّ نسبة فقد الحرارة بالتبخّر هي الأعلى في الظروف الطبيعية، وذلك اعتماداً على درجة حرارة الهواء المحيط ورطوبته النسبية ومساحة سطح التبخر، وسرعة تحرّك الهواء، كما أنّ قدرتها على فقد الحرارة بالتوصيل ضعيف جداً، أما فقدان الحرارة بالحمل الحراري فإنّه يزداد مع هبوب الرياح على الحيوان، وفي حال زيادته فإنّه يزيد من الفقدان الحراريّ بالتبخر،
• استهلاك الأعلاف: تؤدي درجات الحرارة المرتفعة وارتفاع رطوبة الهواء لانخفاض استهلاك الأعلاف للماشية.
• استهلاك الماء: إنّ تأثير المناخ على استهلاك الماء بالنسبة للمواشي يحمل عدّة اوجه، فالماء يعتبر مصدراً غذائياً أساسياً بالنسبة للمواشي، ومن جهة أخرى يعتبر وسيلة لفقد الحرارة والتبريد عن طريق التبخر، ولهذا فإنّ زيادة درجة حرارة المحيط يزيد من استهلاك الماشية للماء، لكنّ ارتفاع درجات الحرارة المصحوب بارتفاع الرطوبة يقلل من كميّات الماء المستهلكة ويزيد من عدد مرات الشرب التي تحتاجها المواشي.