السبت 27 يوليو 2024 04:16 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكاتبة الكبيرة هند منصور تكتب : أدم يتكلم

الكاتبة الكبيرة هند منصور
الكاتبة الكبيرة هند منصور

يا حواء خُلقتى من جسدى لتكونى حصنى مُعين لى على الحياة، لتصبح الحياة بك حياة ، خلقك لى الخالق الوهاب، ناظرٱ إلى وحدتى القاتلة بدونك، رغم كل ما لى من خير، فى جنة مليئة بكل ما تشتهى النفس ،لكنها خالية من شخص مثلى يشبهنى روح ونفس وجسد ، لديه نفس مشاعرى واحتياجاتى ،يشاركنى رغباتى، ويكون معى فى فشلى ونجاحاتى، يملأ بالحب حياتى ويكون لى طيف جميل، فى وقت اهاتى وأناتى، خلقك الله معينى وسندى ومرشدى وقت سقطاتى، تكونى نفسى وجسدى وكل حياتى ، واكون انا لك الرأس، زوجك وحبيبك وصديقك وكل دنياك، بكل طاقتى احبك واصونك وارعاكى ، ونقوى ببعض على مصاعب الحياة فنحن أحباب لبعضنا البعض وليس أعداء، فلماذا كل هذا العداء ؟!
لماذا تحولت الخطة عن مسارها الطبيعى واصبحنا منقسمين ، بدلاً من واحد فى جسدين اصبحنا اتنين ، يبحث كل منا عن ذاته فقط، وعن احتياجاته ورغباته ، وكيف يستغل الآخر فى إشباع شهواته ؟!
وبدلا ما كنت لى معين، ومعى على الأتعاب والأنين أصبحت ضدى طول الوقت وأصبحت انا بلا رفيق أو معين ، أصبحت تنظرين لى على انى خصمك وسط حرب قائمة ليس لها نهاية ،واصبح كل فكرك كيف تنتصرين وأكون أنا عند قدميك لكى ترضين، وكل احتياجاتك بلا رحمة تطلبين، أصبحت تعشقين إذلالى فبذاتك تشعرين ، وإن فشلت فى تسديد احتياجاتك اكون فى نظرك هزيل وضعيف ومسكين، فهل أنت معى ام ضدى وأصبحت لى عدوى، وعلي تعلنين حربك، وبذاتك تقسمين إنك لن تهدئى إن ما أصبحت أنا لك العبد الأمين ..
يا حواء .. كونى لى سند ومعين على قسوة الحياة واتعابها، فأصبحنا نحيا مرار الأيام فى غربة صعبة ، الحياة فيها خالية من الرحمة ، الشر فيها هو السائد والظلم أصبح هو القائد ، احنى ضهري الهم وأصبحت الليالى قاسية، واشراقة شمسها بعيدة ، أصبح بردها قاسى و حرها قاتل ، أريدك فيها معينة ، تصبحين انت الظل فى حر النهار وانت الستر من برودة الليل وأنت الحق الذى يغلب الظلم وأنت الراحة فى وقت التعب ، وأنت الملجأ عند غياب الكل ..
يا حواء .. أنت تريدى رجل كما قال الكتاب وأنا أيضا أريد حواء كما خلقها الله .

هند منصور مقالات هند منصور آدم يتكلم الجارديان المصرية