السبت 27 يوليو 2024 08:17 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

دكتور كمال يونس يكتب : المقاطعة

دكتور كمال يونس
دكتور كمال يونس

لاحول ولاقوة إلا بالله،إنا لله وإنا إليه راجعون ،سبحان من له الدوام ،يرددها شيخ الكتاب، كاتب البلدة ، رافعا صوته باكيا ،رحمك الله يا أختي الغالية ، تمهلوا ياجماعة الخير ،فلن يغسلها أحد حتى تحضر شقيقتي من البندر ، ومعها بنات الغالية القاصرات، حيث كن في زيارة خالتهن ، بالله من فضلكن يا سيدات أخرجن من الدار ،ودعوني مع شقيقتي أودعها ، وحضرن مولولات باكيات،قامت المغسلة بتغسيلها ،لم تستطع الشقيقة وبنات المتوفاة حضور الغسل ،بعد العزاء طالب البنات أن يرافقنه للإقامة عند خالتهن التي كانت ودودة حنونة عطوفة عليهن وعلى أختها بعد وفاة زوجها من سنوات،لم تبد البنات أي اعتراض،قابلتهن الخالة بكل ترحاب، أقمن لديها ،كان يرسل إليهن ببعض المصاريف والمؤن والهدايا من وقت لأخر ،بعد شهر ذهبت شقيقته للبلدة ومعها البنات حين علمت أن الأرض والدار ميراث شقيقتها معروضة للبيع ، كيف هذا؟،ليس حقك وحدك ، انتويت التنازل عن حصتي في ميراث أختي لبناتها ،كنت آمل فيك على الأقل أن تتنازل أيضا فضلا منك لصغر سنهن،لكن أن تستولى على كل شيء ،بل وتعرضه للبيع ،فهذا لايرضى الله ورسوله ،اتق الله في اليتامى ياشيخ الكتاب يا حافظ لكتابه ،يا محفظه لأبناء القرية ،ليس لهن شيء،والأرض والدار باعتها شقيقتنا لي قبل وفاتها بعام ، هاهو العقد ،بصمتها ،ختمها ،قل كلاما معقولا ،لم تخبرني المرحومة بذلك،أرادات الاحتفاظ به سرا ،إذن أين مقابل البيع ، كانت تقترض مني كثيرا للصرف على بناتها ،عامة العقد مسجل بالشهر العقاري،سأشكوك العمدة وكبار البلدة ،افعلي ماشئت موقفي سليم ،أكد على هذا عدة محامين استشارتهم شقيقته.
علم أهل البلدة بالأمر كثر اللغط ،لاكت سيرته الألسن،ذهبت المغسلة لدار العمدة تطلب لقاءه منفردا ،قابلها بكل ترحاب،ياحضرة العمدة رأيت وأنا أغسل شقيقة شيخ الكتاب بقعة حبر أزرق باهتة على إبهامها،لم ألق لها بالا،ولاحظت أن جيب الجلباب الأبيض للشيخ عليه بقعة حبر ،وتعلم صداقتي بالمرحومة ، لا أصدق بيعها لشيء، فكر العمدة مليا أرسل في طلب شيخ الكتاب ،واجهه بأقوال المغسلة،وأقسما ، وأخبر العمدة من الطبيعي أن يكون بجيبه بقع من الحبر ،لأنه من يتولى كتابة عقود البيع والشراء بالقرية،ولم يستطع تفسير بقعة الحبر على إبهام شقيقته عند غسلها ، أطلع العمدة على العقد الموثق بالشهر العقاري،وعلم سلامته قانونيا
، لم تهدأ البلدة ، تأكدوا أن القانون لن يرجع حق اليتيمات،كانوا على يقين من تبصيم شقيقته عند موتها على عقود بيع لم تكن في حاجة إليه،قاطعته البلدة جميعا ،منعوه من ارتقاء المنبر وخطبة الجمعة ،قاطعوا الصلاة خلفه إماما، رفض تجار القرية التعامل معه ،ماعاد أحد يرسل أطفاله للكتاب الخاوي،أصبح لايستعن به أحد في كتابة العقود ،لم يجروء أحد من من أهل البلدة أو من خارجها على شراء الأرض أو البيت ، ، تركته امرأته ولحقت ببيت أهلها ،استعار أولاده منه ،ضاقت عليه الأرض بما رحبت،لم يجد بدا إلا بتسليم الأرض رسميا لليتيمات ،غادر البلدة ، لم يعد يعرف أخباره أحد.