الدكتورة غادة بدران تكتب : ”ما يؤلمك يعلمك”
الجارديان المصريةنحن أبناء الحياة....
عبارة أحبها و أتعمق في أسرارها ومعانيها...
أستلهم منها مداركاً و محطاتٍ و مواقف أعكسها على ذاتي و أستشفّ من مرآة نفسي كل الصور والأحداث
التي مررتُ بها..من مغامرات في حياتي وآمالٍ نسجتها وأحلام سافرت بأجنحتها وآلامٍ علمتني الكثير والكثير في مضمار هذه الحياة...
يحتاج الانسان الى أخيه الانسان في إتمام مسارات
الحياة وبلوغ مقاصده ..
فمنذ نشأته يحتاج حضنا حانيا وكفّين ترعاه وأسرة تحيطه ومعلما يعلمه وعالما يعقّله وتجاربا يخوضها بنفسه ويستفيد من تجارب الآخرين...
إذا فكرتَ بذاتك مرّةً ولو اخترت وقتاً لترحل بالذاكرة
الى ميادين عمرك المتسلسل من الصغر الى ما وصل اليه سنّك فحتماً ستتلألأ في ذاكرتك محطاتٌ
من حياتك تجلي لك الصور في ذلك الزمان والمكان المرافق وحتما ستتذكر الكثير من المواقف التي تعرضتَ لها في حياتك...ولكن..هل استفدت منها شيئا...هل استثمرتها لتكون فائدةً لك في حياتك الحاضرة والمقبلة...
هنا نمحورُ حديثنا حول عبارة دقيقة هي..ما يؤلمك
يعلمك....
نعم لابد لنا خلال مسيرتنا الحياتية أن نسلك في دروب الحياة بشائكها وعاطرها وسهلها وصعوبتها
ووعرها وعاطرها...
والعقل المرافق لنا تلك النعمة الربانية التي ميزتنا عن سائر المخلوقات لابد لنا أن نُعمِلَهُ في حياتنا فهو وسيلتنا لفهم الحياة ومعرفة سبل العيش والتصرف والتعامل مع الوسط المحيط ومع أنفسنا...
غالبا علينا أن نترجم عبارة ،مايؤلمك يعلمك،،،
ومن هنا جاء دور العقل الناظم لحياتنا وهو أن نكون أذكياء في حياتنا ولو كسرتنا الحياة ونكون اقوياء ولو صعبت السبل ونتخلص من التكرار في الوقوع بنفس المتاهات التي تتكرر امامنا بصور مختلفة...
يجب علينا التركيز على تقييم الذات..ركز على ذاتك و أفعمها بالسعادة والتقدير والقيمة والاعتناء وهذب نفسك التي تبدو صقيلة شفافة تمرر نور الشمس وتجلي الظلام...لاتفكر بسوداوية الحياة ومساوئ مامررت به من مواقف جعلتك تتألم يوما ما...
انطلق من ذاتك وابنها بناءً سليما وكن نضاحاً للخير والحب وتسلّح بإزار الصبر على مكروه ينزل بك لا طاقة لك عليه ولا علم بحدوثه..تحمّل الموقف المؤلم
أيا كان نوعه..ولكن وبكل تعقّل حاول أن تجتبيه دستورا لإعادة تنظيم منهج حياتك واحتواء الالم وعدم العودة الى ذات السبب الذي آذاك...
حاول أن تستعين بذاتك قبل التعاون من الآخرين
حاول أن تنظر الى الأحداث أنها درسٌ صعبٌ ستتجاوزه بعد أن تفهم حل مسائله وتجنب مشاكله اذا تكرر...
تابع باجتهاد وانت من يقرر سبب سعادتك وجوهرها
لاتنتظر من يشاركك حلمك ليحمل عنك عبء المعاناة
وحدها نفسك التي تدفعك لتحقيق أحلامك
ولا تنتظر الآخرين او ترغمهم أن يكونوا مثلك او تجبرهم على حمل همومك
انطلق بالحب من محبتك لذاتك...
وكن متفائلا بعقل متّقد و تناول جرعات القناعة التي هي الكنز الذي لايفنى....
ما يؤلمك حاول قدر الامكان أن لاتوجهه لأحد او أن تجعله سببا في متاعب غيرك بل تعلم منه وعلمه لغيرك....كن هانئا راضيا متبسماً...متسامحا وركز على كلمة السماح..نعم إنها كلمة تحتاج لصبر ورضا وقناعة عالية...سامح قدر المستطاع وتعلم من الضرّ الذي سامحت عليه وجنب نفسك أن تقع مرة اخرى فريسة له...
إياك وأن تطبق ما نزل بك من ألم او ضيق او مكروه او قساوة على الآخرين بل عامل بعكس ما تعرضت له
فتّش في زوايا المشكلة طويلا دقق في مراميها ومسبباتها أوجد الحل للأسباب قبل حل النتائج
وتعلّم ما الذي أوداك اليها وكيف تدرأ أخطارها في الوقت القادم..افعل ماتراه خيرا لك ولاضير لغيرك به
ولا تقحم نفسك بما لاطاقة لك به...
ابتعد عن أماكن الشبهات والأكاذيب و اجعل الكذب عدوا في مرامي النسيان والتجاهل...
لاتستمع لمتشائمٍ و لاتصاحب المتكبر
وامح الحماقة من سجل رفاقك
وشعشع مابدا منهم من مزايا حسنة
ونمّها واستفد منها واعطهم قدرهم عليها
وتقبّل الاحاديث المحيطة بك والكلام المنشور عنك
وتعوّد عليه دون أن تتأثر به
ومن ابتعد عنك لا ترسم حبال امال حوله ولا تتمسك بخيط واحد من ثوبه المتهالك...
تابع تجارب الناس وجالس الحكماء والكبار
ولاعب الصغار وعلم وتعلم...فبداخلك طفل لابد أن تحتضنه بعين حفظك ويشع منك بوسامتك وبسمتك ومودتك...تعامل مع الآخرين تحت سقف الاحترام والصراحة وابتعد عن الازعاج والوقاحة
فذلِكِ الأمور بفلسفتك ودققها بمعرفتك وحكمها بعقلك وترجمها بحياتك افعالا لا أقوالا...
أنت الامين على ذاتك وسر سعادتك دائما...
تعلم من المواقف المحرجة وتجنب قادمها
ومن المواقف المؤلمة بتجنب أشباه مسبباتها
ونظائرها...تقبّل وخزة ابرة النحلة وتعلم منها كيف ولمَ و كيف في المرة المقبلة تقطف الشهد دون وخز ابرة واحدة...وتذكر أخيرا العبارة المشهورة إذا كان الله معك فمن عليك..وإذا كان عليك فمن معك...
يقينك وقناعتك واستفادتك من تجاربك كفيل لحياتك الراضية المرضية...