السبت 27 يوليو 2024 04:16 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الأديب الكبير محمد خضر يكتب : الشهيد محمد شيحة

الأديب محمد خضر
الأديب محمد خضر

أثناء حرب أكتوبر كان الوقت صباحا، دوي القنابل يزداد ، أتنقل من موقع لموقع، أغتنم الفرصة المناسبة ذهنى للتحرك بين ثنايا الرمال، نجحت في الاقتراب من موقع محمد شيحة ، كان يوماً سعيداً بقدوم مولوده الثانى قبل انتهاء إجازته الميدانية التى توقفت بعدها الإجازات ، كنا نستعد للمشروع السنوى، جلس جوارى،تحدث معى عن أحواله ،كيف استطاع ان يتزوج فى قريته التى بجوار مدينة كفر الشيخ، استلام وظيفتة فى القرية، نظم حياته ،ثم تجنيده ليصبح ضمن أحد حكمدارية اطقم المالوتكا، وأحسن ضارب فى اصابة الهدف، همس فى أذنى حتى لايسمعه من بجوارنا ،نفسى أرى بناتى يمرحن حولى ، يركبن على ظهرى،ياله من شعور جميل لن تشعر به إلا عندما تتزوج وترزق بأطفال مثلى .
محمد شيحة كان هادئا جميل الطبع ، لايتكلم كثيرا ، لايحب الهزار ، يقرأ كثيراً ، يلعب الشطرنج، لا يستريح فى الحديث إلا مع،ى ربما لأننى كنت اميل للقراءة مثله، وكنا نتناقش في مواضيع كثيرة كن التي قرأها كل منا ، الحديث دائما يطول حتى منتصف الليل.
الموقع تحول إلى هدف مكشوف للعدو، أصبح مهددا بالتدمير ،من شدة القصف ارتميت داخل حفرة أسفل التبة، بينما كان طاقم الصواريخ يقاتل بشراسة ،محمد شيحة بمفرده دمر ثمان دبابات للعدو ، مازلنا فى رابع يوم للمعركة ،كنت أراه سعيداً عندما قال لى مش أنا كنت بأقول حألبسهم طرح وأبيتهم من المغرب زى النسوان، قالها ثم سقط جوار صندوق التحكم والمنظار، صمت مع توقف القصف، هل هذا هو الموت يأتي ناعما خفيفا؟!!!! توقف محمد شيحة عن الكلام،تذكرته وهو يقول لي عاوز أشوف بناتى، لمست جبينه ،خلعت الخوذة من على رأسه، وأنا أقول سوف تكون أحد أبطال مصر ،كفرالشيخ ،قريتك، بناتك سيفتخرون بك، وداعا أيها الرفيق ،وشعرت بدموع دافئة على وجنتى مع سخونة الرمال الناعمة، ومازالت الحرب مستمرة........