الجمعة 3 مايو 2024 06:42 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الومضه الواحده والثلاثون( جزء ثان)

الكاتب الكبير علاء عبدالعزيز يكتب : أرض المرؤه.

الكاتب الكبير علاء عبدالعزيز
الكاتب الكبير علاء عبدالعزيز

اذا كنت متبلد الشعور والاحاسيس ، فانت عدم ، هي ارادت الا تتزوج العدم، كان ذالك مستحيلا بالنسبه لها، ولكنه كان مقبولا لولي امرها الذي كان يعيش هوالاخر في العدم ، ويصر ان تتزوج بناته الثلاث في المدينه ويبعدن عن الريف ، لم يتعظ من تجربتين كانتا قاسيتن علي ابنتيه قاطني مصر المحروسه ، اللتين تزوجا وبدأ الاثنتان حياه العدم بغير شعور ولا احاسيس تجاه ازواجهن!! ، البنات في الريف ليس لهن حق الرفض او القبول ، في كل مره كان ابيهم يومض عقولهم ويمنيهم بأضواء المدينه، ويلقي في روعهم الاماني ليغادروا وحل طرق القريه الي طريق المدينه الممهد المرصوف بعنايه ، لم يهتم الاب ساكن العدم بشعور بناته الثلاث قاطني مدن الاحلام، المهم عنده ألا تتلوث اقدام بناته في المجئ والروحه علي ارض طينيه ، اهتمامه كان مركزا علي الاقدام ومايعلق بها من طين،وليس الرؤوس المكتنزه بالاماني والاحلام ، تلكم الاماني والاحلام التي حلت برأس البنت الصغري يوم ان تأخرت في ضيافه عمها وقد غابت الشمس وخَبُت القمر ولم يجد ابن عمها مفرا من اصطحابها في ليل النجوم الي دارهم في اقصي البلده ، ليلتها تفتحت ورودها وعرفت الحب في ضوء النجوم المشتعله بكبد السماء ، لم تخبر الفتاه والدها بقصه حبها وابن عمها الذي يقطن الريف مثلها وتركت لمشاعرها الحبل علي الغارب حتي جاءها يوم مثل يوم اخواتها، لقد اقترب موعد سفرها مع عريسها البندري حيث امر الاب الام بتجهيز العجين لعمل الكحك والبسكوت للعروس الحزين ، وبالقرب من فرن الخبيز ، جلست الابنه الثالثه تستمع الي اغاني العرس الريفيه التي تشبه النحيب تعلو بها النساء ناقشي الصاجات وعلي قدميها رسم الحناء لازال رطبا لم يجف بعد، سارحه في ابن عمها الذي كان لايعلم مايدور في بيت عمه الذي كانت قراراته سريعه ولايرجع فيها لاحد ، كان يمكنهم ان يستريحوا من جمع الحطب واضرام النار في فم الفرن التي تطلب المزيد ، فصدرها المحموم والمتوهج بحب ابن عمها يكفي لانضاج عشرات الصاجات المملوءه بالعجين المحفوف بالنقش والتهذيب، في تلكم الاثناء كان عريس الغفله يجلس علي سطح احدي البنايات العاليه بالمدينه يراقب تنجيد فرش العروس وبجانبه وقفت الاخت الكبيره نيابه عن ابيها ساكن الريف ، تنظر اليه نظره امتعاض واعتراض علي همجيته وقله ذوقه ، حينها اشفقت علي اختها الصغيره مرهفه الحس والشعور، وايقنت ان الحياه مع هذا الرجل الذي سبق له الزواج مستحيله، فاتخذت قرارها بحزم وسافرت في الصباح الباكر الي الريف تشكو لابيها مادار من تلاسن بينها وبين زوج اختها المنتظر ، فلم يلق الاب المعدوم لها بالا واستمر في غيه وصلفه وصمم علي اتمام الزواج، واضرمت نيران الاختلاف بين الاب وبناته ، وجلست الزوجه المغلوبه علي امرها غير بعيد تراقب ماسوف تسفر عنه معركه الاب مع البنات ، تستحلفه تاره الا يزيد في حلف يمين الطلاق عن طلقتين ، وتهدئ تاره اخري من ثوره البنات التي بلغت الذروه حين هددن الاب بالمقاطعه الابديه ، وتجمع الاقارب يشهدون وطيس المعركه وهي تحتدم ، يخشي الاب فضيحته ونقضه للعهود ، غير عابئ بسعاده ابنته او تعاستها، من ضمن الاقارب الذين كانوا شهودا علي الصراع كان ابن عمها الذي كان يراقب الاوضاع صامتا وفي لحظه ما من لحظات القدر النادره واتته الشجاعه وارتدي حُله المرؤه وقرر انهاء الصراع الجمعي والتقدم لبنت عمه امام الجميع ،رحب الجميع واضطر الاب تحت الضغوط لتبديل العريس، وبالفعل طابت صاجات العجين علي الواح قفص صدرها المشتعل بحب ابن عمها ، ولكن منذ تلكم الليله حل بصدر ابن عمها صراعا من نوع اخر بعدما ارتدي ثوب المروءه مضطرا ، من الجائز ان يهدأ ومن الجائز ان يتأجج ، الامر سوف يتطلب براعه فائقه من ابنه عمه حتي تُخمد صراع صدره ، فهل تنجح؟.