السبت 27 يوليو 2024 04:38 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

# خواطر

د.محمد السيد يكتب : التنوير المفترى عليه

الكاتب الكبير د.محمد السيد
الكاتب الكبير د.محمد السيد

اتعجب من اطلاق لفظ اهل التنوير فقط على المنادين بالالحاد او الثائرين على تعاليم الاديان وهؤلاء في وجهة نظري هم الضآلون..
اهل التنوير هم الصادقون مع انفسهم و المستمعون جيدا لصوت ارواحهم..هم الباحثون عن الحقيقة والنور..

التنوير هو وعاء شريف ووجه لحقيقة الإيمان ونور ادراك تدبير الخالق الحكيم يتميع فيه الامل والعقل والمنطق ممتزجا بمهارة الحكماء فينبعث منه نورا يجذب الناس اليه ويهديهم في الظلمة..
الوعاء هو الدين و الرداء النفيس الذي تلمع الوانه لتحض القلب والعقل على ادراك مغزى الحياة وان ثمة مدبر لطيف يناديك بخفاء ويعلن عن وجوده بسمو و بريشة فنان.. ذلك الذي اخضع الكون وجعله في داخل عقلك و اجتباك على جميع خلقه..
انه ربك المنان الرحيم الذي يحبك فيأمرك وينهاك..
فأن انكسر الوعاء وغاب عن النفس بهاء الرداء، حينها نحن نمشي بمحازاة خفافيش الظلمة لا النور..

التنوير هو صوت حكيم راشد يزيل عن عينيك الغشاوة لتدرك النور..
ابحث عن ذلك الشعاع الذي يلمس قلبك فيثير خلاياه لانبعاث الراحة والطمأنينة و تذوق راحة الروح والضمير..
اهل التنوير هم الذين يحملون النصوص الدينية بأمانة ورشد و خيفة من التقول على الله بغير الحق..
هم من لا يفرطون ولا يكذبون على أنفسهم. وما هم باهل غلو او اهل شهوات..
هم روح الجموع وشمعة الارض ونبتة الخلاص..

التنوير الجزئي والشامل :

مسيرة التصحيح تؤتي أكلها عندما تنبع من صميم نفس المؤسسة ومن عرين نفس الأفكار والتوجهات و الملة والمعتقد..
التغييرات الدراماتيكية لن يعقبها خلخلة في المشهد الفكري وإنما ستحدث بلبلة..
رجال التنوير هم الذين يحظون بقبول واسع يستطيعون من خلال ذلك القبول تمرير الإصلاحات المرجوة..
مصطلح التنوير - كما اتصور - خاص بالحركة الإصلاحية في البناء المحافظ، لأن التقسيم العقدي والفكري المبكر لاستقبال الفكرة يعوق تمريرها وتحويلها من مركب غيرقابل للامتصاص لاخر قابل..
من يتصور ان الملحد الذي يريد نشر افكاره على جماعة المؤمنين هو مستنير فهو احمق ضد حركة المنطق والتاريخ..
الحركات الدراماتيكية عبر التاريخ لايقوم به المصلحون وإنما قلة قليلة علوا فوق ركب التنوير و ناطحوا السحب وهم لابد أن يؤيدوا بمدد رباني كما هو الحال مع الانبياء..
لن يقبل اليهودي ان يتلقى ما تسمى الاستنارة من مسلم والعكس لان التقسيم العقدي الراسخ يسبب إشكالية غير قابلة للذوبان والمرور عبر الحاجز الحامي لكيمياء المخ
Blood brain barrier..
فى وجهة نظري، لقد كان موسى بن ميمون مصلحا لليهود ساهم في تصحيح مفهوم تجسيم الله الغالب في الفكر اليهودي..
لقد كان مارتن لوثر كنج مصلحا في الفكر المسيحي.. وهكذا
من يبغى الإصلاح والتنوير لابد أن ينغمس في مصطلح المؤسساتية ويحدث التغيير المنشود - الأبيض - دون احداث شروخ يعقبها تقسيم اخر أشد تقوقعا و ضراوة وراديكالية..
مصطلح المصلح العالمي الذي يبغى نشر تنوير شمولي لابد أن يحظى اولا بقبول واسع من جميع الاطياف لكي تثمر جهوده..
وانى اقول دائما أن محمود الأمم ليس الذي تحبه أمة وتبغضه أمة وتسبه أخرى وإنما هو تلك الشمس الذي تشع حياة لجميع الأمم!..


#محمد_السيد_السكي