الكاتب الكبير ميلاد يونان يكتب : الشال الفلسطيني علي كتفيها...وصرخة حق شاهدة علي المتخاذلين


عدلت من الشال الفلسطيني علي كتفيها .... وقالت لمراسل جريدة "الاخبار" :
"لم اجد سوي سعادتي بالعيد لاقتسمها معهم .. وأهديهم فرحتي!! ربما تكون دعما لهم في صمودهم"
أتذكر ما حدث في يوم من مثل هذه الأيام .. قبل عيد القيامة المجيد بيومين .. منذ أكثر من عشرين عاما !! عندما كنت أجلس علي أريكة الانتريه بمسكننا الصغير المتواضع، وبيدي كتاب اتصفحه .. تسللت بهدوء الي جواري أبنتي المدللة "ماريان" الطالبة بالصف الأول بالمرحلة الثانوية في ذاك الوقت؛ والمهتمة بقضايا المرأة ؛ والطفولة؛ ومنكوبي الحروب منذ صغرها؛ وذلك من خلال مجلتها المدرسية "نفرتيتي" و كتاباتها في جريدة وطني ورسالة النور وكمراسلة صحفية بمجلة سمير بدار الهلال، ومجلة بلبل بدار اخبار اليوم .
وبطريقتها المميزة والمقنعة كعادتها دائما عندما تريد أن تطلب أمرا غريبا ومفاجئا .. قالت متسائلة !!
ـ بابا ؟؟
أجبت = نعم ؟؟
ـ اليست الله محبة ؟!
= طبعا يا "ماريان" الله محبة .. ولا حاجة للسؤال !!....
وواصلت كلامها ـ والله يريد ان تسود هذه المحبة كل العالم !! اليس كذلك ؟!
= أكيد الله يرد مننا ذلك..
ـ وحضرتك يا ابي تعلم وصيته الصريحة لنا في الانجيل "وصيتي ان تحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم"
= نعم .. نعم .. هذا القول صحيح ومذكور في انجيل يوحنا
ـ والكتاب المقدس أيضا يا والدي يعلمنا "فرحا مع الفرحين وبكاء مع الباكين "
= فعلا .. هذه هي تعاليم الكتاب المقدس !! .. ولكن !! ماذا تريدي ان تصلي من وراء كل هذه الأسئلة ؟؟ ـ
ـ اريد ان اصل يا ابي الي انه ليس فقط ان نشارك الأخرين بأفراحهم، بل بالأحرى نشاركهم دموعهم واحزانهم .. كما يريدنا الله ان نفعل...
(ورأيت في عيون ابنتي الصدق في أروع ظهوراته) وسألتها..
= ومن هم الاخرين اللذين تقصديهم
أجابت بنبرة مخنوقة حزينة ـ أقصد أطفال .. أطفال فلسطين ! شعب فلسطين يا أبي !!! ورأيت الدموع في عينيها ـ فسألتها متأثرا لأخفف عنها ،
= ما له شعب فلسطين يا بنيتي!! لقد عبرت عن شعورك نحوهم .. ومؤازرتك لهم .. بسعيك وتبرعك بفستان عيدك وعيديتك ومصاريف عيدنا منذ أيام للمساعدات المصرية عن طريق الهلال الأحمر المصري .. وهذا علي قدر امكانياتنا يكفي .. اليس كذلك . يا حبيبتي!!
ـ هذت رأسها نفيا وهي تقول شبه باكية ـ لا يكفي .. لا يكفي !!
انا احس بألآمهم ، فكيف أحتفل بالعيد وقلوبهم وقلوب كل اخوتي ضحايا الحروب تنزف ألما وحزنا !! انا لن اكتفي بالدموع الصامتة بل سأكون أكثر إيجابية ..
وأرجوك واستأذنك يا ابي ان ارسل اليوم رسالة للسيد وزير التعليم أعلمه ـ انني بعد ان اصلي ليلة العيد في كنيستي!! ..
سوف اذهب صباح الاحد يوم اجازتي وأتواجد وسط زميلاتي في مدرستي والتي وعدتهم ان نتواجد واضعين الشال الفلسطيني فوق أكتافنا في وقفة تضامنية مع شعب فلسطين ؛ استنكارا ورفضا حضاريا لما يحدث من انتهاكات لا إنسانية من قتل وحصار وتجويع، وتهجم عل مقدساتنا إسلامية كانت او مسيحية، ورسالة الي قادة العالم علهم يظهروا موقفهم ويبادروا بوقف تلك المجازر ويضيئوا شمعة تبدد ظلام الحياة التي يعانيها هؤلاء الضحايا ..
واستردفت أبنتي!! انا واثقة يا أبي ان رياح الحرية ستنقل وقفاتنا هذه يوما لتصير صرخة حق شاهدة علي تخاذل هؤلاء القادة وتهاونهم تجاه الوحشية والهمجية ....ـ ثم هذا حقنا يا أبي أن نعترض ونعبر عن رفضنا ـ لان ما يحدث من عدوان هو انتهاك في حق جيلنا وطفولتنا ؛ ووصمة عار في جبين هذا الزمان فيجب ان ننهض ونفعل ما لا يخجلنا متي تقابلنا مع مولود بيت لحم مسيح المحبة ونصير السلام
.. نظرت في عينيها المليئة بالتأثر والدموع؛ وأعجبت بموقفها فربدت علي كتفيها وقلت لها .. أفعلي ما يحلو في عينيك يا بنيتي وثقي انني بما تفعلين فخور.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#ميلاد يونان ـ ناشط حقوقي