الأحد 8 سبتمبر 2024 06:15 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم يكتب: الإمتحان العسير!!

 الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم
الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم

في خضم الإستعداد لسماع نتيجة شهادة الثانوية العامة حدث في قريتي الرجدية مركز طنطا محافظة الغربية أن مر علينا أسبوع ودعنا فيه ما يزيد عن سبع حالات وفاة ، كان بينهم أربعة في يوما واحداً ، أكبرهم كبير من كبراء القرية ورئيس مجلسها المحلي الأسبق ، ثم رئيس مركزها بأكمله ، ودعناه في مشهد مهيب يليق به ، وفي صلاة المغرب ودعنا اثنان أحدهما نجم كروي في عز شبابه ولياقته البدنية ، ثم ختمنا اليوم بأحد الرجال الطيبين ، وهكذا مضي الأسبوع مسجلا رقما عاليا في حالات الفقد ، والحديث في كل الجنازات لم يخل من عدم الإطمئنان إلي الدنيا والركون إليها ، وإن تغير الحديث لا يكون إلا عن نتيجة شهادة الثانوية العامة وخوف أولياء الأمور من مُفارقاتٍها ومطباتها وابتلاءاتها.
الأمر الذي جعلني اربط الحدثين كلاهما ببعض ، فتذكرت أيام الإمتحانات وقد بلغت بنا القلوبُ الحناجر والمراقبون يقفون في كل الزوايا والدروب اللّصيقة والمناسبة.. مُحملقين في وجوهنا يحصون علينا كل صغيرة وكبيرة ويعدّون كلّ دقيقة وثانية ويُدقّقون في كل واردة وشاردة..!! فلا تسمع حينها أوْ تحسُّ إلاّ همساً أوْ نظرةٍ بطرف خفي علَّ وعسى.؟!!
وأكثر من هذا وذاك مُفاجآتُ رئيس الدور وما أدراكمْ ما مفاجآتُ رئيس الدور وهو في طوافه المستمرّ والدائم جيئة وإيّاباً تارة محذرا ومُتوعّدا وتارة في بعض الأحايين الأخرى مُرعداً ومُرعبا .!! لدرجة أن صورته وهو بتخفي وينقض علي علي الحجرة كانت كفيلة بتقليص المعلومات التي تعبنا في تحصيلها شهورا عَددا!! أو ضياعها بالكلية ، وبدل أنْ نستجمع قوانا.وذاكرتنا من أجل الإجابة على ما يمكن الإجابة عليه من الأسئلة المُسطّرة أمامنا تخارُ قوانا وتنهارُ معنوياتنا ، إلاّ من رحم ربك أمام هول صدمة انقضاض مراقب الدور علينا بسبب وبلا سبب !! وتنهال وتنثال علينا الأسئلة من كل حدب وصوب ، مالك ؟ ليه مش قاعد علي بعضك ؟ بتقلق ليه ؟ فإن اقتنع بالرد مشي متوجسا ، وإن شك سحب الورقة دون حائل أوْ طائل.؟؟
حالة إذا من حالات الرعب التي عاشها كل الطلاب _ الشطار وغير الشطار ، خوف وقلق لا محدود ، كل هذا أمام امتحان دنيويٍّ سَلس وربما بسيط وبسيط جدا وبإمكان أيٍّ طالب التعامل معه سواء بالمذاكرة أو بالغش !!
فما بالكم أيها الأحبة الكرام إذا كان ذلكم الإمتحان أوْ ذالكم الإختبار _ ولله المثل الأعلى والأسماءُ الحسنى والمقامُ الأسْمى والأسنى _ أخروياً بحتا ، وما أدراكمْ إذا كان امتحاناً أخرويا بحتاً !؟ عذرا إن تقاصرت التعبيرات وتخاذلت الكلمات عن وصف يوضح صورة وشكل وكنه ذلكم الامتحان ، أقصي ما يمكن الكتابة عن وصفه هو : إنه امتحان أمام رب الأرباب ومُعتق الرقاب ومزجي السحاب ، إنه امتحانٌ أمام الواحد القهار الجبار الكريم المنان الغفار... إنه امتحان أمام من يعلم السِّر وأخفى ، إنه امتحانٌ أمام من لاَّ تخفى عليه خافية ولا تأخذه سنةٌ ولا نومٌ _تعالى جلّ وعلا عن ذلك علواً كبيرا _ ، إنه امتحانٌ لا ينفع فيه أبٌ وليده أوْ حفيده ولا خلٌ خليله أوْ سميره أوْ جليسه ولا صديقٌ صديقه أو رفيقه ولا ولا...!!!
إنه امتحانٌ ، إنه امتحانٌ ، إنه امتحانٌ إنه امتحانْ. وبالحرف الواحد إنه امتحانٌ لا كالامتحاناتُ وابتلاءٌ لا كالابتلاءات.!! إنه امتحانٌ يتفرّق فيه المُمتحنون وكُلنا مُمتحنون فريقان إمَّا إلى الجنة وإمَّا إلى النار وبئس القرار ، فإمّا أنْ تكون ناجحا فائزا مع المؤمنين الآمنين المخلّدين في أعلى عليّين ، وما أدراكمْ ما أعلى عليّين؟!! ، وإمَّا أنْ تكون مع الراسبين الهالكين الذين هم والعياذ بالله في نار جهنم خالدين يصورهم القران بأنهم " لا يُقضى عليهمْ فيموتوا وَلا يُخففُ عَنْهمْ مِنْ عَذابها كذالكَ نَجْزي كُلَّ كَفور " .فاللهم سلمْ سلم .
فيا أيها الأحبة الأكارم استعدوا لامتحان الآخرة أمام الديان الذي لا يخفي عليه شيء ، وبادروا باالتوبَة .فقدْ يباغتكَم المقدورُ عن عجل . كما حل بمن شيعناهم بالأمس القريب.

ولله در أحد مشايخ العظام كان دائم القول : كيفَ يَلذُّ النّومَ من لاَّ يعلم هل .يسلمُ في عُقباهُ أوْ لا يسلم ؟!
وفي الختام أحبتي الكرام فإننا وقد جئنا إلى هذه الدنيا الفانية من عدمٍ سابق قادمين ومُرغمين فإننا بكل يقين وتأكيدٍ لسنا بها باقين أوْ مُخلّدين وإننا مهما طال المقامُ بها أوْ قصر على صفحتها عابرين وعلى سبيلها مسافرين وعن خيراتها وملذّاتها نازحين ومُغادرين.!! وبعد ذالك كله فإننا يقينا من مراقدنا مبعوثين ومحشورين وأمام ربنا جلًّ وعلا موقوفين ومحاسبين... إذاً فحذاري حذاري لنفسي وإياكمْ أحبتي الأكارم من أنْ نضيّع ما تبقى لنا من ساعات ودقائق وأيام وشهور وثوان وأعوام.. قبل أنْ يباغتنا أوْ يختطفنا الموت وإنه لطوافٌ خطوف ، ولا فرصة لنجاة والهروب منه ، والامتحان أمام الديان صعب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا وقد أحصاها ، فهيا نذاكر ونراجع ونحاسب أنفسنا قبل أن نمتحن في امتحان تشهد فيه الجوارح علي من أنكر أو تملص ، فأين إذا المفر منه إلا بالاستعداد له ، استعداداً يليق بالامتحان والممتحن !؟
أدعو الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أنْ يختم لنا ولكم ولأحبتنا ولجميع المسلمين بالحسنى إنه ولي ذلك والقادر عليه .
تبقي كلمة : اعينوا من سبقونا إلي دار الامتحان بالدعاء لهم والتراحم عليهم والتصدق علي أرواحهم لعلهم في أمس الحاجة لاجتياز الإمتحان . فاللهم ارحم بفضلك وعزتك آبائنا وأمهاتنا وإخواننا وأخواتنا واهلينا وجيراننا وأمتنا ومن له حق علينا ، بحق ما أنت صاحب الأمر من قبل ومن بعد ، اللهم امين يارب العالمين.