د. محمد عطا يكتب : الرحيل الحزين...ورحلت قطتنا الجميلة
الجارديان المصريةتمر الأيام وتمضي السنين وتتغير القناعات ونكتشف في أنفسنا وعن أنفسنا مالم نكن نتوقعه فما بين البارحة السعيدة بقدوم قطتنا السمراء
الجميلة الرقيقة ((أليسا)) ست البنات ضيفة عزيزة كريمة وبين اليوم الحزين لفراق ست البنات بعد ما يقرب من عامين كاملين فعند قدومها خائفة مرتبكة تترقب أهلها الجدد وهربت يوم قدومها فزعاً من انتقالها من بيتها الأساسي عند أصدقاء لنا لبيتنا المتواضع وكنا في قمة السعادة لقدومها وحاولنا الترحاب بها بشتي الطرق ولكنها دوماً كانت تخشي شيء ما ويبدو أنها تيقنت وحدها أنها ستفارق الدنيا من هذا المكان لذا لم تألفه ولم تألفنا يوماً ما إلا في لحظات معدودة فقط ثم تعود لسابق عهدها في الاختفاء والخوف من الجميع والركض في كل اتجاه خوفاً من مشاكسة أحد الاولاد ، او حتي محاولة اللعب معها وانما كانت تقترب بحذر منا لتنال قسطاً من طعامها المفضل فقط ثم تختفي عن الأعين ولم تكن (( أليسا)) تُبدي أي اهتمام بأية ملاطفة أو محاولة من الجميع للفت انتباهها فهي كانت دوماً شاردة وبالمناسبة عندما أتت لنا كانت صغيرة جداً في حكم الطفلة ولكنها لم تكن تمارس أي لهو أو حركات القطط الاعتيادية حتي فوجئنا في يوم من الايام بحملها بالرغم من صغر سنها وتمر الأيام سريعة وتضع ٤ قطط في غاية الجمال وتموت الخامسة نظراً لعدم قدرتها علي التعامل معها بعد أن أنهكها الحمل وأتعبتها الولادة فلم تستطع تنظيف الأخيرة من خلاص الولادة وماتت لهذا السبب وإذ بنا نفاجيء بالطفلة الصغيرة أم متمرسة حنونة شرسة مقاتلة لحمايتهم منظمة في تدبير شئون طعامهم ونومهم وراحتهم وحتي لعبهم الجميل فكانوا جميعاً شعلة نشاط وحيوية واستبقينا أحدهم وهي بنوتة جميلة وتم توزيع البقية توزيعاً أمناً علي الأصدقاء المقربين لعدم القدرة علي استضافة كل هؤلاء في بيتنا المتواضع وتمر الأيام وتزداد أليسا نضجاً واتزاناً ولكنها دوماً كانت خائفة وجلة من شيء لا نعلمه وعادت مرة أخرى الذكرى إلا مرة أخرى وخف وزنها وهزل جسمها ونحن نحاول جاهدين العناية بها ورعايتها قدر المستطاع واجتهدنا ولم نقوم بعمل أى عملية من عمليات منع الحمل أو التعقيم لها حماية من الجهد والتعب و رغبة منا في عدم التدخل في إرادة الملك في عطاءه أو منعه وللأسف كان الحمل الثاني مرهقاً لها مضنياً وأتي بثلاث زهراوات جميلة ما زالوا في مرحلة النضج والاحتياج لها ولكنهم ولله الحمد وصلوا لمرحلة الفطام من أيام معدودة وهي علي حالها لم تتبدل خوف قلق وجل من شيء لا نعلمه سافرنا أجازة سريعة وتركناها في رعاية شخص أمين أحسن لها كل أنواع الرعاية وعندما عُدنا وجدناها تنتظرنا حزينة مهمومة تكاد تكون مشلولة عن الحركة وقد ازداد وزنها وظننا في خوف وفزع أنها حامل للمرة الثالثة ولكنها كانت بشاير وداع القمر فكانت ليلة الوصول هي ليلة الرحيل الحزين وانتظرت مشكورة حبيبتي عودتنا من السفر حتي نأنس بوداعها الأخير فقد رحلت الصغيرة الكبيرة الحزينة الخائفة من شيء ما كانت تشتم رائحته منذ قدومها وهاهي رائحة الموت الكئيبة التي ظلت تطاردها منذ قدومها تنال منها وتخطف منا نحن أحن قلب وأم في هذا العالم الجميل المسمي بعالم الحيوان وكم اكتشفنا أن كثيراً من بنو البشر أقل من هؤلاء الملائكة الطوافة في بيوتنا في القدر والمنزلة والرحمة والمودة ورعاية الرعية دون كلل أو ملل ونقول لحبيبة القلب الراحلة المؤنسة الطيبة الرقيقة إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا افتقدناكي يا جميلة وعادت لنا ذكريات الموت الكئيبة بعد أن كنا نظن ان بعد فقد الأب والأم والخال والغم والقرابات الأهم فالأهم وجدنا طعم المرارة والغم لفراق أجمل وأصغر وأرق أم وداعاً أليسا الجميلة وشكراً ليكي علي الأيام الحلوة اللي أشعرتنا بعالمكم الجميل المليء بالبهجة والسعادة والسرور والدراما أيضاً وشكراً جزيلاً علي الضيوف الجميلة اللي تركتيهم يذكرونا بيكي والله يصبرنا علي فراقك ويوجد الكثير من التفاصيل والذكريات الجميلة عن قدومها وزواجها لن أستطيع سردها الآن ولا أدري متي أستفيق من كابوس هذا الرحيل ولكن وجبت تلك القصة حتي أذكرها وأشكرها وأعلم أنها لا ذنب عليها ولا وزر حيث عالم الحيوان أسعد من عالمنا البائس الحزين في عدم الحساب والعقاب ولكني أدعوا لها بحياة برزخية سعيدة وعوض عن تلك الأحزان والالام التي واجهتها المسكينة خلال سنتين فقط حتي ارتقت لربها أخيراً.