الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم يكتب : فرح سنغالي مصري علي لسان رأس البر الفريد !!
الجارديان المصريةسهرت مدينة رأس البر وعزبة البرج (وأنا معهم ) ليلة من ليالي ألف ليلة وليلة .
المناسبة فرح سنغالي مصري ، العريس إبن رجل الأعمال مسعود السجيع المقيم في السنغال ، صاحب أكبر مؤسسة مصرية ربما في العالم لصيد الأسماك وتجهيزها وتصديرها لدول العالم .
الرجل اعرفه وعشت معه عاماً كاملا في دكار عاصمة السنغال مستمتعا بمنظومة العمل الفريدة التي لم أري مثلها قط .
رجل فريد في اهتمامه وإتقانه لعمله .
واني إذ أشيد باهتمامه بعمله لأذكر إني دعوت السفير الليبي ( السيفاوي ) ومعه السفير الفلسطيني في السنغال لزيارة مصنعه وإذا به وأثناء تقديم سفرة الطعام ، ترك المجلس ةتركنا بمفردنا علي مائدة الطعام لأن مركب محمل بالسمك دخل المصنع ، ولا بد من استقباله والإشراف بنفسه علي تنزيل الحمولة ، الأمر الذي جعلني اقدم الاعتذار للضيوف ، إلا أنهما أبديا تفهما مثاليا للموقف واثنيا علي اهتمامه بعمله ،
ولما لا وهو الرجل الذي بدأ مشوار المال من شاطيء راس البر بائعا للقصب للمصيفين قبل أن يركب المركب المتجهة إلي اليونان ومن هناك تعلم صيانة المراكب حتي صار أحد علامات هذا العمل ، الأمر الذي أهله أن يجوب العالم شرقا وغربا علي مراكب يونانية ذائعة الصيت.
وفي أحدي سفرياته المتعددة زار السنغال ، فحدثت له حادثة غريبة وعجيبة غيرت مجري حياته تماما ، .فقد قابل فتاة سنغالية من أصول لبنانية ، وبعد التعارف عليها قرر عدم الرجوع مع مركبه ، وعمل معها في أحدي شركات صيد وتجميد وتصدير الأسماك ، وتزوج لبني( وش السعد عليه ) وانجب البنين البنات ، وكلها كام عام اشتري الشركة ووضع خطة لتطويرها ، حيث زار مصر بعد سفره في أواخر السبعينات في عام ١٩٩٨ وكان معه خمسة ملايين جنيها ، وعندما رآه أهل عزبة البرج فتح شهيتم للسفر وخوض التجربة ، ولم يضن عليهم بالمساعدة والمشورة ، حيث استخدم المال الموجود معه في بناء خمس مراكب صيد وملائها أثاث وناس وأبحر بهم الي السنغال ، ليبدأ معهم في سطر واحدة من أجمل قصص الكفاح والتعب والثراء .
التقيته أول مرة في منزل السفيرة سناء عطا الله سفيرة مصر في السنغال( ٢٠٠٦) وبعد التعارف عزمني علي الغذاء في مصنعه القابع علي شط المحيط بجوار مطار دكار الدولي ، صورة المصنع وموقعه تعجز مفردات اللغة العربية علي غناها وكثرة معانيها من صياغة كلمات تنقل الصورة كما هي ، مراكب ترسو علي أرصفة الميناء ، وأطقم مصرية من شباب دمياط تتابع عن كسب الاستعداد للإبحار ، وعربات تنقل الثلج من المصنع الموجود داخل المؤسسة إلي المراكب القابعة علي الأرصفة منتظرة الأمر بالابحار ، وفريق من الشباب المصري داخل المصنع يعد ويغلف الطلبيات المسافرة ، والجميع منتظرين دخول المراكب وتجميع الخير وتوزيع حصة مقدرة منه علي أهل السنغال مجاناً والآخر يتم بيعه محلياً ، والباقي يغلف لتصدريه الي عدة عواصم أوروبية .
عشت عاماً مع الأسماك اشاهد صيدها بالمراكب والتهم أفضلها واشهاها مساءا وأنا ألعب الطاولة مع الحاج ( مسعود ) والذي كان يزفني زفة دمياطي لو فاز علي لدرجة أن أهل دكار كلها كانت تسمع بهزيمتي .
صدقا كنت اسعد بهزيمتي لما أري من السعادة الغامرة علي وجه .
أمضيت عام في هذه الأجواء ورجعت للقاهرة ولم تنقطع صداقتنا وزياراتنا .
فجأة كلمني صديقي الكريم في تمام الساعة الرابعة عصراً انت فين الآن ؟ قلت في طنطا ، قال جميل أنك مش مسافر ، اركب الآن وتعالي رأس البر لأن فرح ( نصيب ) الساعة السابعة وأنا حجزت لك غرفة في الفندق فلا داعي للإعتذار ، اردتيت بدلتي وتوجهت إلي رأس البر .
هالني منظر الفندق الذي أقيم فيه الفرح وموقعه الفريد ، والذي لم يتوفر لفندق اخر في العالم أجمع . حيث يقبع الفندق في منطقة اللسان عند التقاء النيل بالبحر المتوسط تلك المنطقة بالغة القيمة التاريخية .
المكان أعظم من يوصف ، منظره هوائه ملحقاته ملاعب وكفتريات ومطاعم وحمامات سباحة ، انعكس جمال المكان علي وجوه حضور الفرح ، خصوصاً أصدقاء العريس الذين حضروا من السنغال ولبنان .
وكعادة أفراح رجال الأعمال تحول أغلبية الحاضرين للكلام علي البيزنس وعرض ما لديهم من تطلعات ، بغية الخروج من هذا التجمع بإقامة مشروع أو أكثر .
بلا أي مزايدة فقد حضرت عزبة البرج بأكملها لتقديم التهنئة لفرد منهم نجح في غربته وطوع كل إمكانياته لأبناء بلده حتي ينجحوا هم الآخرين .
علي الرغم من وجود أعداد غفيرة من أطياف المجتمع المصري في قاعة الحفل ، إلا أن حضور النائب البرلماني ضياء الدين داود مراسم الفرح وإعلانه للجميع إنه جاء يجامل أحد الناجحين _ رغم أنه لا يعيش في مصر _ وطالب الجميع ألا يشغلهم شيء عن مشاركة العريس والعروسة فرحتهم الغامرة .
تبقي كلمة .
أن صديقي هذا يعشق مصر بدرجة جنونية . وأنه يفكرفي عمل سلسلة من محلات السمك بعواصم المحافظات بأسعار زهيدة ، وأنه يفضل الاستثمار في مصر عن أي مكان في العالم لدعم إقتصاد بلده الأمر الذي جعله يشتري عدة آلاف من الأفدنة في منطقة الفرافرة وجعلها مزرعة مزدهرة بالنخيل والعديد من المنتجات الزراعية