الكاتب الكبير علاء عبدالعزيز يكتب : الومضه ٦٢( جزء ثان) ...عفريته هانم واختها.
الجارديان المصريةلم يعتاد اطفال حارة السلطان رؤيه اجناس غير المصريين بالقرب من بيوتهم التي صفها التقسيم الجديد لتكون متاخمه للقصور العريقه والفيلات الأنيقه وكأنها زُرعت زرعا في الحي الراقي بعدما جاءت الثوره بمقوله " كلنا ولاد تسعه " وتدخلت العداله الاجتماعيه فساوت بين الشامي والمغربي كده وكده .
تلكم القصور كانت المتنفس الوحيد لأطفال الحارات الجديده فيي لعبهم وانطلاقهم بعيدا عن ضيق حارتهم، قصرا واحدا منهم كان يكفي لأقامه عشرات الحارات ، ولكن بما أن لافضل لأحد علي أحد، وأرفع رأسك ياأخي انت مصري فقد صار هذا القصر المهجور مملوكا لأطفال الحاره الذين عقدوا صفقه مع الغفير ان يتنازل لهم عن أرض القصر لتصبح مرتعا لهم مقابل رشوته ببعض القروش القليله من مدخراتهم ليدخلوا الي هذا المتحف الكبير( القصر) الغامض في كل شئ يتحوطون حجراته الكثيره وينسجون حوله الحكايات حسب وفره مخيله كل منهم ،ولكن لما ينسجون حوله الحكايات وهو قصر خال من البني ادمين ومسكون بالاشباح بينما صف الفيلات المقابل له يحمل يافطات اسماء حقيقيه واشخاص يشهدونهم يتحركون أمامهم وقد حظيت أجسادهم بروح ولحم وشحم ، فيلا نور الدين ، وفيلا علاء الدين وفيلا صدقي باشا ، كل هؤلاء كان يخالطونهم اهل الحارات واحيانا يدعوهم اصحاب الفيلات الي بيوتهم العريقه في تسليم انهم لابد ان يتجاوبوا مع اواسط الناس التي دفعت بهم الثوره عنوه الي هذا الحي الراقي .
وسط صف الفيلات كانت هناك فيلا صغيره قديمه تتألف من دور واحد محاط بغابه من الأشجار، اطلق عليه اطفال حاره السلطان بيت عفريته هانم ، يجلسون علي الرصيف امامه بالساعه والساعتين يتظاهرون باللعب كي يرقبوا اي حركه داخل البيت فيهرعون نحو سور الفيلا المتهالك تدخل روؤسهم بين فروع الاشجار ليحظوا برؤيه عفربته هانم وهي تحتسي شاي العصاري مع قطع من الكيك هي و اختها المسنه في حديقه الفيلا، الاطفال لايعرفون شيئا اسمه التقدم في السن ، كل من يكتسي شعره بالبياض ويضحي سيره قفزا ويرتدي نظاره سميكه وتظهر علي وجهه وجسده الكرمشات فهو عندهم عفريت ، والان هم يرقبون حركتهم ويدققون النظر نحوهم يسبقهم فضولهم ، ذالك الفضول الذي جرهم جميعا الي التبول اللاإرادي اثناء نومهم بالليل ، ولم يعرف اهاليهم بالحاره لهذه الظاهره سببا ، كلا الامهات كن يخفين عن بعضهن البعض خيبه اولادهن الثقيله ، ويرجؤن السبب الي البرد تاره ، والي ملئ المثانه قبل النوم تاره أخري ، دثروا اولادهن بالاثواب الثقيله وأفرغوا المثانات قبل النوم ، ولكن الفطيره المفروشه علي المراتب يزداد قطرها يوما بعد يوم ، وانتشرت المباخر في بيوت الحاره واستقبلت بيوت الحاره المشايخ والقساوسه لتحصين الاطفال من الحسد والخوف ، ولكن الظاهري لم تنحسر بل ذادت بعد جري الاطفال وراء عفريته هانم حال الخروج من فيلتها لشراء حاجتها ، فتهرع متلفته ويهرعون وراءها لا لشئ الا تماديا في الفضول ، ذالك الفضول الذي يفعل بهم الافاعيل خلال الليل فتنهار اعصابهم وتبتل ثيابهم والسبب الركض وراء عفريته هانم، في احدي الايام تسلل الاطفال نحو سور الحديقه فلم يرقبوا كالعاده عفريته هانم واختها ، ولكن الاختين اختفيا تماما من الحديقه ومن امام الاطفال ومن الفيلا المتاخمه لحارة السلطان ، ومع المغادره اختفت الظاهره المؤقته عن الحاره ولكن تنامي الفضول وتسلل الكبار الي عقول الصغار يفرغون في مخيلتهم مزيدا من الحكايات قبل النوم عن امنا الغوله وعفاريت الساقيه و جنيه البحر الكبير .
والان عزيزي قارئ الومضات هل تعتقد ان الظاهره عادت مره اخري مع تلكم الحكاوي ام اختفت الي الابد مع اختفاء عفريته هانم.