الخميس 3 أكتوبر 2024 10:48 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

دكتور رضا محمد طه يكتب : بداية الحياة مع الشدائد تزيد الصحة وتطيل العمر

دكتور رضا محمد طه
دكتور رضا محمد طه

الكثير من الأشداء المعمرين كانوا يعيشون طفولة وحياة صعبة مليئة بالابتلاءات أو المعاناة والعمل الشاق ، في المقابل فإن من عاشوا حياة رغدة وفيرة الطعام والشراب وغيرها من الملذات لم يعيشوا طويلاً وماتوا في ريعان شبابهم ، حتي أن كثيرا من النظم الغذائية التي يصفها خبراء التغذية والصحة من أجل تجنب السمنة والعمر القصير تحتوي القليل من السعرات الحرارية والعناصر الغذائية المألوفة .
كشفت الدراسات السابقة أن الشدائد في وقت مبكر من الحياة لها عواقب صحية دائمة على الناس حتي لو تحسنت ظروفهم بشكل كبير في وقت لاحق، ولتحديد وفهم مقدار صحة وطول العمر في حياة الأفراد استخدم العلماء مؤشر الشدائد التراكمي سي ايه أي CAI وهو يقيس المشقة بما في ذلك الفقر والاجهاد ، ومن ثم تستفيد الحكومات ومقدمي الرعاية الصحية والأسر من تلك البيانات متخذة إياها مؤشراً بهدف تحسين حياة الناس.

دراسة جديدة نشرت مؤخرا في إيكولوجي ليترز Ecology Letters واجراها علماء الأحياء في جامعة كاليفورنيا في لوس انجلوس حيث قاموا بإنشاء أول مؤشر تراكمي للشدائد لحيوان ثديي هو مرموط البطن الاصفر استناداً إلى 62 عاما من جمع البيانات المستمر في مختبر روكي ماونتن البيولوجي في كولورادو للمؤشر التراكمي للشدائد المطور ، حيث تم تحديد بعض الضغوطات المتوقعة الكبيرة التي تؤثر علي صحة وبقاء هذا الحيوان وطول عمره. من خلال المقاييس البيئية والديموجرافية والامومية التالية للشدائد التي تؤثر علي حيوان المرموط الجرو الصغير وينجو منها، وبعد إدخال هذه المتغيرات في نماذج حاسوبية لتحديد الشدائد القياسية والخفيفة والمعتدلة والحادة. واسفرت جميع النماذج عن نتائج مماثلة والتي أكدت على أن الشدائد التي يواجهها في مقتبل العمر تزيد الصحة وتطيل العمر ، ودعمت ابضا الفرضية القائلة بأن مؤشر الشدائد CAI يمكن أن يكون أداة مفيدة لتقييم تأثير البقاء على قيد الحياة علي المدي الطويل لعوامل الضغط المتعددة التي يواجهها الحيوان أو الإنسان في وقت مبكر من الحياة.

في سياق ما سبق لا يفوتنا أن نلفت أنظار أولياء الأمور الذين يسعون بكل ما لديهم من إمكانيات في تدليل أبناءهم بشكل كبير لحد العبادة حيث طلباتهم أوامر بل يبالغون في توفير حياة الرفاهية قد الإمكان لهم ولو علي حساب أنفسهم وصحتهم، والنتيجة غالباً ما تكون كارثية على هؤلاء الآباء والأمهات الفشل والاخفاق والضعف والوهن يصاحب أبناءهم الإعتماديين، بسبب عدم تمرسهم على مواجهة التحديات والمصاعب والتي لا تخلو حياة منها مهما كانت واينما عيشت والاكثر مدعاة للتعجب إذا ما قصر الأب أو واجهته ظروف حياتية تجعله لا ينفق علىهم كما كان في السابق، كثيرا منهم ينقلبون علي الأب او الام بل قد يعايرونهم بالفقر والتقصير في الإنفاق عليهم او يضعون أنفسهم في مقارنات مع أقاربهم أو جيرانهم أو أصدقائهم بما يجعل أولياء الأمور يشعرون بالإحباط والإنكسار النفسي الشديد والصدمة وصفعة الخذلان الكبيرة، في المقابل كثيرين ممن فقدوا الأب في طفولتهم تجدهم اضطروا للاعتماد على النفس منذ الصغر ويصبحون أكثر صلابة وقدرة على الصبر والتحمل والنجاح في الحياه حليفهم.