الكاتب الكبير شحاتة زكريا : يكتب بناء الإنسان: المهمة الكبرى والمسؤولية التضامنية
الجارديان المصريةإن بناء الإنسان ليس مجرد شعارات تُرفع في المناسبات أو برامج تُبث عبر وسائل الإعلام ، بل هي قضية وجود ومستقبل .. إنها المهمة الكبرى التي تحتاج إلى تكاتف جميع مؤسسات الدولة والمجتمع .. فالإنسان هو عماد الأمة وهو الذي يصنع الحضارات ويبني المستقبل ، وإذا أهملنا إعداده بشكل صحيح ، فإننا نهدم بذلك حاضرنا ونغامر بمستقبل أجيالنا.
الرئيس السيسي لخص هذه المسؤولية عندما قال إن "مهمة بناء الإنسان وإعداده هي مسؤولية تضامنية وتكاملية تحتاج إلى تعاون جهود جميع المؤسسات." إنها دعوة للتكامل والعمل المشترك ؛ لأن بناء الإنسان لا يقتصر على مؤسسة واحدة، بل يتطلب جهودا مشتركة من التعليم، والثقافة، والإعلام، والمؤسسات الدينية، والأسرة، وحتى الأفراد أنفسهم.
فالمهمة تبدأ من مرحلة الطفولة حيث يجب أن نزرع في النشء قيم العمل والاحترام والانتماء للوطن .. التعليم يلعب هنا الدور المحوري ، ليس فقط في نقل المعرفة بل في ترسيخ الهوية، وتوجيه السلوكيات، وصقل القدرات. لا يمكننا أن نكتفي بتعليم كتب المناهج فقط، بل علينا أن نزرع في عقول أبنائنا القيم الأخلاقية، ومهارات التفكير، وروح التسامح والتعايش.
لكن التعليم وحده لا يكفي. هنا يأتي دور المؤسسات الثقافية والإعلامية، التي يجب أن تكون جزءا من مشروع بناء الإنسان. الإعلام يجب أن يكون قوة توجيهية، تزرع في المجتمع الوعي والمعرفة، وتحارب كل ما يعوق مسيرة البناء من أفكار هدامة وسلوكيات سلبية. أما المؤسسات الدينية، فهي ركيزة أساسية في توجيه الروح الأخلاقية والفكرية، وتوفير بيئة مجتمعية تؤمن بقيمة الإنسان وقدسية العمل والإخلاص.
وبجانب كل هذه الجهود ، يجب أن يكون للفرد دور فعّال في بناء ذاته. فالمجتمع مهما وفّر من وسائل دعم وتوجيه، يبقى للإنسان نفسه الكلمة الأخيرة في تحديد مساره. لذلك يجب أن نُرسّخ في كل فرد مفهوم المسؤولية الفردية عن النجاح والبناء والتطوير.
وفي النهاية، علينا أن ندرك أن بناء الإنسان هو مشروع متجدد ومستمر. لا يكتمل بإنجاز واحد أو مرحلة واحدة ، بل هو عملية دائمة تستلزم متابعة وتقييم ، وعزيمة لا تنثني أمام التحديات. فلنكن جميعا شركاء في هذه المهمة، ولنضع أيدينا معا من أجل بناء جيل قادر على مواجهة المستقبل، وصناعة نهضة تستحقها أوطاننا.