الثلاثاء 3 ديسمبر 2024 12:47 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم يكتب : ذل من لا سفيه له !!

 الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم
الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم

من اشر ما يبتلي به المرء أن يبتلي بسفيه ينغص عليه عيشته .
قبل أن أبين خطورة هذا السفيه ، يفضل إلقاء الضوء على السفاهة بمفهومها الواسع .

السفه نقيض الحلم ، وهو سرعة الغضب ، والطيش في التصرفات ، والفحش من القول عند الخطاب .

ومما لا شك فيه أن أساس هذا كله هو خفة العقل ونقصانه .
فالسفيه إنسانٌ رديء الفهم ، سريع الغضب ، يوصم غيره بما فيه من السفاهة
والسفيه دايما ما يتسم بقلة التدبير وفساد الرأي والعمل بخلاف مقتضى العقل ، فهو دوما ما يضيع كل ما جمع من مال وصداقات ومكاسب إجتماعية ووظيفية هباءا منثورا بدون تدبر .

ولهذا نهى الله تعالى عن إعطاء هذا الصنف الأموال يعبثون بها كيف شاءوا ، ويبددونها على غير الوجه المقبول شرعـًا وعقلاً .. قال تعالى : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً) (النساء: ٥) .

اسمحوا لي أن أقول إن المجتمع يعح بالسفهاء ، سفهاء الرأي ، وسفهاء التصرف ، انظر الي جل القنوات والمنصات والصفحات ، السفهاء يتصدرون المشهد ويتكلمون بإسم الوطن ، بل بإسم الأمة ذاتها ، وهذا ما حذر منه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله : "إنها ستأتي على الناس سنون خدَّاعة ، يُصَدَّق فيها الكاذب ، ويكذَّب فيها الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويخون فيها الأمين ، وينطق فيها الرويبضة ، قيل : وما الرُّوبيضة ؟ قال : السفيه يتكلم في أمر العامة"
فجل من يتكلمون في الشأن العام من غير أهل الاختصاص ، وإذا بينا لأحدهم هذا يتطاير السفه منه ليغطي سماء المكان ممطرا قبحا ووقاحة .

نعود إلي ما بدأنا به ، وهو أن الإنسان قد يبتلي بأحد هولاء السفهاء فيتطاول عليه ( لمزا أو غمزا أو قولا ، أو جميعهم ) فإذا كان الحال كذلك ، فاأحذر العقلاء من الانجراف لمشابهة السفهاء في سفههم !!

عليهم التروي في الرد واستدعاء أقوال الحكماء في هذا الصدد ، وعن أحدهم أنه قال : "يخاطبني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا يزيد سفاهة فأزيد حلما كعود زاده الإحراق طيبا
وتأسيسا علي ماسبق من القول ، فإذا نطق السفيه فلا تجبه فخير من إجابته السكوت، فتركك السفيه بلا جواب أشد عليه من الجواب ، مهما كان الجواب جزلا من القول !!؟
.
لا تغتر بمفردات حديثك مهما كانت قوية ، لأن أفواه الجهال تفيض بالسفه. والسفيه قادر على ارتكاب كل شيء.

فإذا نطق السفيه فلا تجبه، فخير من إجابته السكوت
فإن كلمته فرجت عنـه ، وإن خليته، كمدًا يمـوت .

ولله در من قال : " الحجر ثقيل، والرمل باهظ، وسفاهة السفيه أثقل منهما.!! ، وإذا كان نصف العقل مداراة الناس، فإن كل العقل مداراة السفهاء.!!؟

احذر عزيزي القارئ من مجاراة السفهاء ، فقد لا يسعفك عقلك في ايجاد الرد المناسب على بعض العبارات التي توجه لك من أحدهم في موقف معين.

وإذا كانت مجاراتهم حماقة ، فإن صداقتهم بلاهة ، فالأحمق كالثوب الخَرق ، كلما رقّعت منه جانباً خرقته الريح من جانب آخر. .

وإن بُلِيتَ بِشَخْصٍ لا خَلاقَ لَهُ ، فَكُنْ كأنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ وَلَمْ يَقُلِ

أترك محاورة السفيه فإنها، . ندم وعبء بعد ذاك وخيم
فإذا جريت مع السفيه كما جرى،. فكلاكما في جريه مذموم
وإذا عتبت على السفيه ولمته ، في مثل ما يأتي فأنت ظلوم .

إن أفضل الطرق للتعامل مع السفيه التجاهل، لأنك إذا تجادلت معه سيجرك إلي مستواه، فحاول الإبقاء علي مسافة كافية بينك وبينه ، إن لم تكن مضطرا للتعامل والاختلاط به !!؟

اعتنق الصمت أمام السفهاء.، لأنه لو كان العقل على قدر كلام الرجل، لكان الثرثار أكبر الناس عقلاً، ولو كان العلم على قدر حفظ المسائل لكان التلميذ أوسع من أستاذه علماً، ولو كان الجاه على قدر الفضائل لما كان للأشرار نفوذ، ولو كان المال على قدر العقل لكان أغنى الناس الحكماء، وأفقر الناس السفهاء .

استطيع أن أقول واعترف أن جل ما استفدت به من فنون التعامل مع الهواتف هو ( الحظر ) فهو تصرف راقي عند السفاهة ، فوسع دائرة هذا الحظر في حياتك ، لكل سفيه وحاقد وساخر ومتطاول وعشوائي!!؟ احظرهم من حياتك تماما ، اجعل بينك وبينهم مسافة كافية ، إن لم تكن مضطرا للتعامل والاختلاط بهم !!
وان جرحك كلام أحدهم ، فأعلم إنه ذل من لا سفيه له ، وأن الصواعق لا تضرب إلا القمم.

الخلاصة
إياكم ومجالسة السفهاء ؛ فإن مجالستهم داء ، ومن يحلم عنهم يُسَر ، ومن يُجبْهم يندمْ ، ومن لا يرضى بالقليل مما يأتون به فلينتظر الكثير .