السيناريست عماد النشار يكتب :من القسام للسنوار المقاومة مستمرة
الجارديان المصريةماأشبه اليوم بالبارحة والجد بالحفيد والشهيد بالشهيد، المطلع على حياة ومسيرة البطل الشهيد يحي السنوار حتى ارتقاءه، يجدها قريبة الشبه إلى حد التطابق بينه وبين الشيخ البطل الشهيد عز الدين القسام، فمنذ مايقرب من مائة عام، وبالتحديد في سنة 1935، استشهد الشيخ المجاهد عز الدين القسام بصحبة أربعة من مرافقيه في معركة غير متكافئة مع القوات البريطانية ، ورفض أن يستسلم رغم الحصار وقوة الضربات ، وكان له نصيب من إسمه ، فظل يقاتل بعزة واستبسال لمدة ست ساعات حتى نال ماتمنى وسعى له بصدق وإخلاص ،وكان لإستشهاد القسَّام الأثر الأكبر في اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، للتنتقل راية الجهاد من المؤسس عز الدين القسام عبر أجيال لمهندس الطوفان يحي السنوار الذي أذل أعناق الصهاينة وجعل الكيان السرطاني المجرم المحتل المختل في مرمى نيران المقاومة على مدار عام كامل لم تنطفئ فيها جذوتها أو تخمد، ليتحقق ما دعا به وقال "اللهم اكسر بنا شوكتهم، ونكّس بنا رايتهم، وحطم بنا هيبتهم"رغم قوة الضربات التدميرية باستخدام جميع الأسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا وآلاف الأطنان من القنابل وهو ما يعادل قنبلتين نوويتين، إلى جانب حوالي 75 مليون طن من المقذوفات راح ضحيتها حوالي 50 الف شهيد أغلبهم من النساء والأطفال غير عشرات الآلاف من الجرحى، ، ومخلفة 42 مليون طن من الركام يحتاج لإزالته خط شاحنات قمامة يمتد من نيويورك إلى سنغافورة ويحتاج 15 سنة للتخلص منه ، ورغم هول هذا الدمار والحصار لازالت المقاومة تسدد ضرباتها بقوة وإصرار وتصيب أهدافها بدقة مكبدة العدو الصهيوني خسائر بشرية ومادية ومعنوية غير مسبوقة منذ استذراع هذا الكيان السرطاني في ارضنا الطيبة في بداية القرن العشرين ، استطاعوا قذف الرعب في قلوبهم الخربة وجعلتهم كل يوم يهرعون بالملايين إلى الأقبية ومجاري الصرف الصحي لمجرد سماعهم صافرات الإنذار تدوي في جميع أنحاء أراضينا المحتلة، رغم قبتهم الحديدية المزعومة ومقلاع داود، والدعم اللامحدود من الأنظمة الصهيونية والمتصهينة.
ارتقى السنوار كما ارتقى القسام ، ولحق بالشيخ المجاهد القعيد الشهيد أحمد ياسين المؤسس الثاني للمقاومة الفلسطينية مهندس انتفاضة أطفال الحجارة في ثمانينات القرن الماضي ، الذي أيقظ القضية من سباتها الخانع على طاولات المعاهدات والاتفاقات المخزية ، لتندلع الثورة الثانية في عموم أراضينا المحتلة ترجم المحتل بالحجارة وتطعنه بسكاكين المطبخ وتفجره بالأحزمة الناسفة والأسلحة والقنابل البدائية المصنعة يدويا في ورش الحدادة ، واستشهد ياسين ومن بعده بأقل من شهر الرنتيسي ومن قبلهما عياش وغيرهم من المجاهدين البواسل ولم تهن المقاومة أو تضعف ،
وهاهم اليوم أطفال الحجارة أصبحوا قادة لايشق لهم غبار يقاتلون من المسافة صفر برا وبحرا وجوا يسطرون بطولات إعجازية، والحجارة تحولت مسيرات متفجرة تحصد أرواح الصهاينة وتقذف في قلوبهم الرعب ، وورش الحدادة أصبحت مصانع متطورة تنتج ترسانة أسلحة من الرصاصة للغم للصاروخ تحصيهم عددا وتقتلهم بددا في الأكمنة والأنفاق وتخترق الدروع المحصنة المنيعة.
هنيئًا الشهادة للأسد المغوار السنوار الذي تمناها وسعى إليها بصدق وإخلاص حتى نالها مقبل غير مدبر ، وكما يقول الرجال: إذا غاب فينا سيد قام سيد ، ومانقصت مقاومة من شهيد إذا رحل ، وكل الشعب مشاريع شهداء،فيخلف القائد قادة والجندي 10 والشهيد ألف مقاوم.. فهذه الأرض تنبت المقاومين كما تنبت الزيتون ، وكما يقول صاحب وحي القلم مصطفى صادق الرافعي: "أُناس يقومُ إيمانُهم على أنَّ الموت في سبيل الحقّ هو الذي يُخلِّدُهُم في الحقّ، و أنَّ انتزاعهم بالسيف من الحياة هو الذي يضعُهم في حقيقتها، و أنَّ هذه الرُّوح الإسلاميَّة لا يطمسُها الطُّغيانُ إلَّا لِيجلوها..!"
فهؤلاء الأبطال تيجان الرؤس هم من حق فيهم قول الله تعالى في محكم تنزيله{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}.