الثلاثاء 13 مايو 2025 06:26 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

حسين السمنودى يكتب : أمريكا وإيران وصناعة الخوف....تحالف خلف الكواليس ولا عزاء للعرب

الكاتب الكبير حسين السمنودى
الكاتب الكبير حسين السمنودى

عند الحديث عن العلاقات الدولية، تبرز صناعة الخوف كأداة مركزية تستخدمها القوى الكبرى لتحقيق أهدافها. ومن بين اللاعبين الأساسيين في هذا المشهد، نجد الولايات المتحدة الأمريكية وإيران. يبدو أن هناك علاقة غامضة تربط الطرفين في تسويق "الخوف الإيراني" لصالح أمريكا، مع دور مشبوه لإيران في إضفاء شرعية على التدخلات والمجازر التي تشهدها مناطق متعددة.

إيران كذريعة للهيمنة

لطالما استخدمت الولايات المتحدة "التهديد الإيراني" كذريعة لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط. عبر تصوير إيران كعدو مهدد للاستقرار الإقليمي والعالمي، تمكنت واشنطن من تبرير وجودها العسكري المكثف في الخليج، وفرض صفقات تسليح ضخمة مع دول المنطقة، وتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية استراتيجية.

إيران، في المقابل، تلعب دورها بإتقان في هذا السيناريو. من خلال خطابها العدائي وشعاراتها التي تروج "للمقاومة" و"محاربة الاستكبار"، تعزز طهران الصورة التي تسعى واشنطن لتسويقها.

المجازر بأيدي الحلفاء والخصوم

لا يمكن إنكار أن إيران كانت شريكاً رئيسياً في العديد من المجازر التي شهدتها المنطقة. أدوارها في العراق وسوريا واليمن واضحة، حيث ساندت الميليشيات التابعة لها في تنفيذ سياسات طائفية دمرت النسيج الاجتماعي وأشعلت صراعات داخلية طويلة الأمد.

أما أمريكا، فقد استخدمت هذه الأزمات كذريعة للتدخل المباشر وغير المباشر. فتحت غطاء محاربة الإرهاب و"ردع التمدد الإيراني"، قامت بتدمير دول واستنزاف موارد شعوبها، مما أدى إلى مآسٍ إنسانية ضخمة.

صناعة الخوف كأداة تسويقية

من خلال تضخيم الخوف من إيران وبرنامجها النووي، تروج أمريكا لنفسها كحامٍ وحيد للأمن والاستقرار. وبدلاً من تقديم حلول حقيقية للصراعات، يتم تسويق التوترات كفرصة لبيع الأسلحة، وتعزيز الوجود العسكري، وإطالة أمد النزاعات التي تخدم مصالحها الاستراتيجية.

إيران، بدورها، تواصل دعم سياسات التصعيد والمواجهة الخطابية، مما يجعلها شريكاً غير مباشر في تعزيز هذه الصناعة.

من يدفع الثمن؟

بين لعبة إيران وأمريكا، يبقى الشعوب وحدهم من يدفع الثمن. في سوريا، العراق، اليمن، ولبنان، حوّلت هذه السياسات المنطقة إلى ساحة حرب مستمرة. مئات الآلاف من القتلى والجرحى، وملايين النازحين، وتدمير مدن بأكملها، كل ذلك تحت شعارات زائفة من المقاومة أو محاربة الإرهاب.

وختاما لذلك فإن صناعة الخوف بين إيران وأمريكا ليست مجرد صدفة، بل هي جزء من استراتيجية معقدة تستهدف استنزاف موارد المنطقة وإبقائها في حالة فوضى مستمرة. المطلوب اليوم ليس الانحياز لأي طرف، بل إدراك حجم المؤامرة، والعمل على بناء وعي شعبي وسياسي قادر على فك خيوط هذه اللعبة القاتلة.