الإثنين 20 يناير 2025 06:54 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

عمرو خان يكتب : ”عودة الجماعات المسلحة: مخاطر جيوسياسية في الشرق الأوسط”(1)

الكاتب الكبير عمرو خان
الكاتب الكبير عمرو خان

تُظهر عودة الجماعات والتنظيمات المسلحة في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي كيف أن الفوضى السياسية، والاستغلال الخارجي، وتأثير الأيديولوجيات المتطرفة تُخلق بيئات غير مستقرة، تتغذى عوضًا عن أن تُعالج.
إن التحديات التي تواجهها هذه المناطق ليست مجرد نتيجة للصراعات الداخلية فحسب، بل هي نتاج شبكة معقدة من أهداف ومصالح خارجية تسهم في تفاقم الأزمات. يتطلب تصحيح هذا المسار استراتيجيات شاملة من المجتمع الدولي والعربي تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز التنمية، بعيدًا عن مصالح القوى الكبرى التي لا تأخذ في الاعتبار مصلحة الشعوب.

وتشير التطورات الراهنة في منطقتي الشرق الأوسط والقرن الإفريقي إلى عودة قوية للجماعات والتنظيمات المسلحة، بعد فترات من الغياب النسبي. حيث تتركز هذه العودة بشكل خاص في المناطق التي تشهد صراعات وحروبًا مستمرة منذ عقود، والتي تمثل أيضًا أهدافًا للاستراتيجيات الغربية الرامية إلى تقسيم هذه الدول. وتعكس هذه الظاهرة التدافع المستمر بين القوى السياسية والعسكرية الكبرى في الغرب والشرق للاستحواذ على الموارد الغنية. ولهذا، فإن المشهد السياسي والأمني يتعقد بشكل متزايد.

ومن الواضح أن العوامل التي تسهم في عودة هذه الجماعات متعددة ومعقدة. ويأتي في مقدمتها الفراغ السياسي وغياب السلطة، حيث يمثل انهيار الأنظمة السياسية عاملاً أساسيًا في نشوب النزاعات والصراعات المسلحة. وتؤدي هذه الانهيارات إلى خلق بيئات متوترة، حيث يظهر الفراغ في السلطة، مما يسهل على الجماعات المسلحة استغلال هذه اللحظات لزيادة نفوذها.

وعلى قائمة العوامل الأخرى، نجد الاستغلال الإقليمي والدولي حاضرًا بكل وضوح في مركز إنطلاق الصراعات والحروب، حيث تندرج هذه المناطق تحت مخططات تقسيم الشرق الأوسط وإفريقيا وإعادة رسم خرائطها السياسية والجغرافية وفقًا لرؤي غربية موروثة. فإن القوى الخارجية تبذل جهوداً دؤوبة لاستغلال موارد هذه المناطق منذ عقود، مما يزيد من الانقسامات والصراعات الداخلية داخلها.

وفي ظل ما سبق؛ لا يمكن تجاهل تأثير الأيديولوجيات المتطرفة، التي أصبحت عاملاً مؤثراً في تفاقم الصراعات في منطقتنا العربية والإفريقية. فإن وفرة الفرص للفكر المتطرف نتيجة للتعليم الخاطئ، والبطالة، والفقر، تُسهل استقطاب الشباب نحو هذه الجماعات. وإن انضمام هؤلاء الشباب إلى صفوف المسلحين يهدد مستقبل الأقطار العربية والإفريقية، حيث يصبحون وقودًا لعدم الاستقرار.
وأيضاً، يُعتبر التمويل والدعم الخارجي عاملاً حاسماً في بروز الجماعات المسلحة، حيث تحصل بعض هذه الجماعات على دعم مالي وعسكري من دول أو كتل معينة تعزز من وجودها، مما يسهم في خلق خلل في سلطة الدول المُستهدفة.إذ تُعتبر النزاعات الإقليمية عاملاً آخر يلعب دوراً في تعزيز ظهور الجماعات المسلحة، حيث تسهم المنافسات القائمة بين الدول الكبرى والإقليمية في زعزعة الاستقرار، مما يتيح المجال أمام تلك الجماعات لتوسيع نفوذها.

ووفقًا لما تشهده المنطقة العربية الآن، بجانب بعض الدول الإفريقية، ند أن تداخل هذه العوامل يعكس انزلاق المنطقة نحو المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار، مما يزيد من معاناة الشعوب في هذه المناطق، تحت وطأة الصراعات المستمرة، التي تؤدي إلى مئات الآلاف من القتلى والملايين من النازحين. وإن الواقع المحزن الذي خلفته هذه الصراعات ينعكس في الكوارث الإنسانية والأزمات التي باتت تتعاظم، مما يصعب على المنظمات الأممية المعنية التعامل معها.

عمرو خان الكاتب عمرو خان مقالات عمرو خان الجارديان المصرية