دكتور عبدالله زلطة يكتب : بشار الأسد .. البداية والنهاية


حينما تولي الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد منصبه عام ١٩٧١ ، بعد انقلاب قام به بمشاركة مجموعة من ضباط الجيش السوري ضد نظام الحكم القائم في ذلك الوقت ، لم يكن ابنه الصغير بشار علي دراية بما يحدث علي الساحة السياسية ، بل لم تكن له اهتمامات بالشؤون السياسية ولا بالشؤون العسكرية ولا الاقتصادية . كان تلميذا مجتهدا ، مجرد طموحه أن يصبح طبيبا بعد تخرجه من الدراسة الجامعية ! وقبل أن يرحل الرئيس السوري السابق حافظ الأسد عام ٢٠٠٠ ، لم يتم العثور علي وصية له بأن يخلفه في الحكم ابنه بشار ، إذ ربما كان يعلم أن ولده الشاب الصغير ليس لديه مايؤهله لتولي هذه المسؤولية الضخمة . كان بشار في ذلك الوقت في أوائل عقد الثلاثينيات ، ولم يكن وصل الي السن الذي اشترطه الدستور لتولي منصب رئيس الجمهورية !! فماذا حدث ؟ اجتمع مجلس الشعب السوري فورا وعدل الدستور ليسمح للشاب بشار بن حافظ الأسد لتولي منصب رئيس الجمهورية !! وهكذا أصبح بشار بين يوم وليلة رئيسا لسوريا. وخلال سنوات تولي فيها حكم الدولة السورية ، ارتمي بشار في أحضان إيران ودول اخري ، وسمح للحرس الثوري الإيراني أن يكون له وجود فعلي في مفاصل الدولة وأيضا في لبنان ، ليعيث فيها فسادا ويرتكب أبشع الجرائم ويساعد النظام علي التخلص من معارضيه ، كما أدت السياسات الهوجاء لنظام بشار الأسد لإحداث قطيعة بين سوريا والعديد من الدول العربية ، في مقدمتها مصر ودول مجلس التعاون الخليجي . وأصبح مقعد سوريا في الجامعة العربية خاليا لسنوات عديدة ، وتعطلت حركة التنمية في هذا البلد العربي الشقيق ، واضطر آلاف السوريين للنزوح والهجرة الي خارج الوطن . وهكذا تسارعت الأحداث حتي سقوط نظام العلويين في سوريا يوم الثامن من ديسمبر / كانون أول 2024 ، وسط فرحة عارمة في الشارع السوري . وطويت للأبد صفحة قاتمة في تاريخ الوطن السوري ، لكن من المهم أن يلتف جميع السوريين تحت هدف واحد ينبذ التقسيم والحرب الأهلية والتدخل الخارجي في الشؤون السورية الداخلية ، وإعلاء المصلحة السورية فوق جميع المصالح الفئوية والنزعات الدينية والسياسية .
لقد سقط ديكتاتور، ولا نتمني ظهور ديكتاتور أخر ! ولا يجب أن نلوم أي ديكتاتور ، بل يجب ان نوجه اللوم لمن صنع له الكرسي الذي جلس عليه !!!
* أستاذ الصحافة بجامعة بنها