الثلاثاء 18 فبراير 2025 10:19 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الباحثة منار المنتصر تكتب : الأيادي البيضاء

منار المنتصر
منار المنتصر

لما خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان خلقه محبًا للاجتماع، فما أجمل أن لا يقتصر عيش الإنسان لنفسه بل يحيا لغيره أيضا!
فإذا تأملنا في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي مطلعه:[ اليدُ العُليا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلى] ( أخرجه البخاري، 2/ 1428)
وجدنا المأثور بأن هذا الحديث في فضل الصدقة والإنفاق، لكن ما المانع بأن نوسع دائرة فهمنا للحديث ونجعله عنوانًا على قيمة العطاء؟ كيف لا وقد أوتي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم، والصدقة أوضح دليل على العطاء.
وحيث أخبر صلى الله عليه وسلم بأن اليد المنفقة المعطاءة خير من اليد السائلة الآخذة، فتكون هذه اليد من الأيادي البيضاء، فنرى مثلا على صعيد الأشخاص: أن سعادة العالم ببذله العلم وتعليم الطلاب تفوق التلميذ، وأن سعادة المُهدِي لغيره هدية تغلب سعادة المهدَى إليه.
وعلى صعيد الدول: فالدول المنتجة خير من الدول المستهلكة، والدول المصدرة خير من الدول المستوردة، بل إن الأراضي الخضراء المنتجة خير من الصحاري القاحلة.
أما إذا نظرنا في الأفعال الإنسانية: فمثلا من بادر وكان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، ولاشك أن جزاء الفاعل أكثر فضلا وخيرية من المفعول له أو فيه.
وتنقلني هذه الأخيرة إلى العطاء المعنوي، فمن يمنح البسمة والأمل والتفاؤل، ويبعث الأمن والطمأنينة، ويعفو ويقبل العذر لاشك أنه أفضل من الذي لا يفعل شيئا.
فالفعل أفضل من عدم الفعل، والحركة أفضل من السكون.
لذلك النفس المعطاءة البيضاء في كل نواحي الحياة مادية كانت أو معنوية تكون أكثر راحة وسعادة وامتلاءً وغنًا عن غيرها، ونفس المُعطِي أول من يلمس أثر العطاء وصدق ربي إذ يقول: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ}( البقرة: جزء من آية 272)