حسين السمنودى يكتب : ترامب واللعب بالنار: مخطط تهجير الفلسطينيين وتهديد مصر والأردن


يبدو أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لا يزال يتبنى نهج التصعيد والمغامرة السياسية التي لطالما ميزت فترته الرئاسية، ولكن هذه المرة عبر تصريحات ومواقف قد تفتح أبواب الجحيم في الشرق الأوسط. فقد عاد مجددًا لطرح فكرة تهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلى مصر والأردن، في خطوة ليست فقط غير قانونية، ولكنها تمثل اعتداءً صريحًا على سيادة دولتين رئيسيتين في المنطقة، وهو ما يمكن وصفه بأنه "لعب بالنار".
...مخطط التهجير.. وهمٌ قديم يتجدد
فكرة تهجير الفلسطينيين ليست جديدة، بل تعود جذورها إلى خطط صهيونية قديمة، وتكررت في خطط قادة الاحتلال على مدار العقود الماضية. لكن ما يجعل تصريحات ترامب خطيرة هو أنه أعاد طرح هذا السيناريو في سياق حرب غزة المستمرة، وكأنه يريد أن يستغل الدمار الإنساني والكارثة الإنسانية لتمرير أجندة التصفية الجغرافية للفلسطينيين.
والتصريحات التي نقلتها مصادر أمريكية عن ترامب، والتي تفيد برغبته في ترحيل سكان غزة إلى سيناء أو الأردن، ليست مجرد رأي شخصي، بل تعكس دعمًا أمريكيًا واضحًا للرؤية الإسرائيلية التي تسعى لإنهاء القضية الفلسطينية عبر التهجير القسري.
تهديد مصر والأردن.. ابتزاز سياسي أم مقامرة خطيرة؟
لم يكتفِ ترامب بطرح فكرة التهجير، بل تجاوز ذلك إلى تهديد مصر والأردن صراحةً، وكأنهما مجرد عقبات أمام تنفيذ هذا المخطط. فقد ألمح إلى أن رفض الدولتين لاستقبال الفلسطينيين قد يقابله ضغوط اقتصادية أو سياسية، وهو ما يعكس نهج الابتزاز الذي اعتاد عليه في سياسته الخارجية.
مصر، التي أعلنت بشكل واضح رفضها التام لمخطط التهجير، تدرك أن السماح بمثل هذه الخطوة يعني تهديد أمنها القومي وخلق أزمة ديموغرافية وأمنية في سيناء. أما الأردن، الذي يواجه بالفعل ضغوطًا كبيرة بسبب عدد اللاجئين الفلسطينيين على أراضيه، فقد اعتبر هذا الطرح بمثابة تهديد مباشر لاستقراره الداخلي.
لماذا يُصر ترامب على اللعب بالنار؟
ترامب معروف بإثارته للقضايا المثيرة للجدل بهدف تحقيق مكاسب سياسية، سواء داخل أمريكا أو على مستوى العلاقات الدولية. وقد يكون هذا الطرح جزءًا من محاولاته لاستقطاب اللوبي الصهيوني في الانتخابات القادمة، أو ربما لإرضاء بعض القوى المتشددة داخل الولايات المتحدة. لكن ما لا يدركه هو أن مثل هذه الأفكار قد تؤدي إلى تفجير الأوضاع في المنطقة، وتُدخل العالم في صراعات لا يمكن احتواؤها بسهولة.
موقف المجتمع الدولي.. الصمت أم المواجهة؟
المجتمع الدولي، الذي اكتفى بالشجب والإدانة في الكثير من الأزمات، مطالب اليوم باتخاذ موقف حاسم تجاه هذه التصريحات غير المسؤولة. فالموافقة على أي حديث عن تهجير الفلسطينيين تعني دعمًا لجرائم الحرب، وانتهاكًا صارخًا لكل القوانين الدولية التي ترفض تغيير التركيبة السكانية بالقوة.
الخاتمة
ما يطرحه ترامب ليس مجرد تصريحات عابرة، بل هو امتداد لمخططات استعمارية تهدف إلى تفريغ فلسطين من أهلها وخلق واقع جديد يخدم الاحتلال الإسرائيلي. لكن ما يتجاهله هو أن الشعوب العربية، خاصة في مصر والأردن، لن تقبل أبدًا بهذا السيناريو، وأن محاولته للعب بالنار قد تحرق يديه قبل أن تحقق أهدافها.