الجمعة 28 مارس 2025 05:30 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

حسين السمنودى يكتب : يومًا ما ستنهار أمريكا... حتمية التاريخ وعوامل التراجع

الكاتب الكبير حسين السمنودى
الكاتب الكبير حسين السمنودى

لطالما اعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها الإمبراطورية التي لا تُقهر، صاحبة الاقتصاد الأقوى، والنفوذ السياسي والعسكري الأوسع. لكن التاريخ يُعلمنا أن كل إمبراطورية وصلت إلى قمة مجدها، سرعان ما بدأت في الانحدار حتى انهارت تمامًا. فهل أمريكا استثناء من هذه القاعدة.
إن التاريخ يوضح لنا أن سقوط الإمبراطوريات لم يكن دائمًا بسبب قوة خارجية، بل غالبًا ما كان نتيجة انهيارات داخلية. وفي حالة أمريكا، نجد عدة عوامل تهدد استمرارها كقوة عظمى، منها:
الاستقطاب السياسي العنيف: تعيش أمريكا حالة من الانقسام الداخلي غير المسبوق، حيث تحولت السياسة إلى معركة بين تيارات متطرفة، ما أدى إلى شلل حكومي متكرر وصعوبة اتخاذ القرارات الحاسمة.
الأزمات الاقتصادية المتكررة: من أزمة 2008 المالية إلى أزمة الديون المتفاقمة، تجد أمريكا نفسها محاصرة بديون ضخمة تفوق 34 تريليون دولار، مما قد يؤدي إلى إفلاس اقتصادي غير مسبوق.
تآكل القيم والثقافة المجتمعية: انتشار الفردية المفرطة، انهيار الأسرة، وتراجع القيم الأخلاقية، عوامل تؤدي إلى تفكك المجتمع الأمريكي، وهو ما شهدناه في إمبراطوريات سابقة مثل روما.
إن تصاعد العنف والجريمة: وارتفاع معدلات الجريمة، تفشي المخدرات، وعمليات إطلاق النار العشوائية تشير إلى مجتمع في حالة اضطراب داخلي خطير.
ورغم القوة العسكرية الضخمة، تواجه أمريكا تحديات جديدة تقوض هيمنتها:
والهزائم العسكرية وانسحابات مذلة: من فيتنام إلى العراق وأفغانستان، أثبتت الحروب أن القوة العسكرية الأمريكية لا تضمن الانتصار، بل تؤدي إلى خسائر مالية وبشرية هائلة.
وصعود قوى عالمية منافسة: مثل الصين وروسيا لم تعودا مجرد منافسين، بل أصبحا قادرين على تحدي النفوذ الأمريكي اقتصاديًا وعسكريًا. مبادرة "الحزام والطريق" الصينية مثال واضح على أن العالم يتغير لصالح قوى أخرى.
وفقدان الثقة بالحلفاء: سياسات واشنطن المتخبطة جعلت دولًا مثل السعودية وألمانيا وحتى بعض دول الناتو تبحث عن بدائل أخرى بعيدًا عن الهيمنة الأمريكية.
وعبر التاريخ، عندما تفقد الإمبراطوريات القيم التي قامت عليها، تبدأ في الانهيار. الحضارة الأمريكية اليوم تواجه موجة من الفساد، الانحلال الأخلاقي، والسعي المحموم وراء المادة دون أي ضوابط، ما يعجل بسقوطها من الداخل قبل الخارج.
وهنا يأتي السؤال...
متى ستنهار أمريكا؟
لا أحد يستطيع التنبؤ بتاريخ محدد، لكن التاريخ يوضح أن أي أمة تتجاهل علامات التراجع مصيرها الانهيار. قد لا يكون هذا السقوط مفاجئًا أو سريعًا، لكنه حتمي، تمامًا كما حدث مع الإمبراطوريات السابقة.
إن الولايات المتحدة اليوم ليست في موقع "القوة المطلقة"، بل في مرحلة "الاحتضار البطيء". والسؤال الحقيقي ليس "هل ستنهار أمريكا؟"، بل "متى سيحدث ذلك؟"