الفنان الأديب أشرف الشناوي يكتب : نحنُ يا سادتي، لا نثورُ... بل نتابع


نحنُ يا سادتي،
لا نثورُ... بل نتابع.
نفتحُ الشاشاتِ كما نفتحُ نوافذَ البيوتِ في الشتاء،
نحتسي القهوةَ بجوارِ المجازر،
ونُدندنُ ألحانَ الحزنِ كأنها أناشيدُ وطن!
ذهبنا إلى "رفح" بأحذيتِنا النظيفة،
عدنا منها مصفقين لفقرةِ الغناء،
بينما كانت البنادقُ تكتبُ سطورَها
على صدورِ الأطفالِ العزل...
أيّ إنسانيةٍ هذه؟
أيّ مسرحٍ هذا الذي نمثلُ فيه دورَ المتفرجِ الجيد؟
نحجزُ الصفوفَ الأولى بلهفة،
ونبكي حين يسقطُ الجسدُ،
لا لأنّه مات،
بل لأنّ المشهدَ أُتقِن إخراجه!
لسنا بحاجةٍ إلى طوفانِ الأقصى،
نحنُ أحوجُ إلى طوفانِ نوح،
يغسلُ اللغةَ من خيبتِها،
والأرضَ من حيادِها القاتل،
ويعيدُ خلق الإنسان... لا من تراب،
بل من خفقةِ ضمير،
من عريِ الحقيقة،
من صرخةِ أمٍّ
لم تجد في الأرضِ موضعًا لدفنِ فلذاتِها...
يا رب،
امنحنا طوفانًا لا يُبقي من هذا العالمِ سوى الرُضّع،
وسوى مآذنَ لم تساوم،
وامرأةٍ تنتظرُ في آخرِ الليل،
وتحملُ تحتَ عباءتها
اسمَ شهيدٍ لم يُكتب بعد.
.
.
أشرف الشناوى