د. محمد محمود أبوعلي يكتب : العجوز و الوهم


لماذا يتحول بعض ضحايا الاعتداء الجنسي في الطفولة إلى معتدين؟ ولماذا يختارون الأطفال بالذات ضحايا لهم؟
الأسئلة تفتح أبواب الجحيم النفسي، حيث تختلط الأدوار بين الضحية والجلاد، بين الألم والانتقام. هذه الظاهرة ليست بسيطة، بل هي عاصفة نفسية تجمع بين الصدمة، والكراهية، والرغبة في إعادة تمثيل الجريمة.
لقد بلغ بي العجب مبلغه حين أسمع من يدافع عن ذلك العجوز الشاذ، الذي تجاوز التاسعة والسبعين من عمره، ويحاولون أن يقنعونا بأنه ما زال يمتلك قوة جسدية وشهوة جنسية تمكنه من الاشتباك مع ضحيته الصغيرة مرارًا وتكرارًا! كأنهم يصورون لنا أن المسألة مسألة فحولة جسدية، وقدرة بيولوجية خارقة، تُبقيه شابًا في شيخوخته، قادرًا على ما يعجز عنه أقرانه من الرجال!
الحقيقة التي يغفلون عنها، أو يتعامون معها عمدًا، هي أن الأمر لا علاقة له بالقدرة الجنسية في جوهره. فلو كان هذا العجوز يمتلك تلك القوة التي يتوهمونها، لوجَّهها إلى النساء، ولَما احتاج إلى البحث عن طفلٍ أعزل لا يستطيع الدفاع عن نفسه، ولا يقوى على تقييم أدائه العاجز. إنها ليست مسألة رغبة جنسية بقدر ما هي مسألة سيطرة، وحقد مكبوت، ورغبة في الانتقام من ضعفٍ يخجل منه، فيحاول إخفاءه بإذلال من هو أضعف منه.
فلا تُضلِّلوا أنفسكم بالحديث عن "قدرة جنسية" يستحيل أن تكون في هذا العمر، بل انظروا إلى الجرح النفسي العميق الذي يدفع إنسانًا إلى مثل هذا الفعل الشائن. إنه العجز الذي يبحث عن قوة مزيفة، والخواء الذي يحاول ملء نفسه بألم الآخرين
والسؤال هنا :
لماذا يتحول العجز الجنسي إلى عدوان جسدي؟
ولماذا يختار الشيوخ العاجزون جنسيًا الأطفال ضحايا لهم؟
إنها معادلة نفسية معقدة، حيث يتحول الفشل في إثبات الذكورة إلى رغبة جامحة في إثبات القوة عبر تعذيب الأضعف. هنا لا نتعامل مع مجرد شذوذ جنسي، بل مع دراما نفسية كاملة ، حيث يصبح عجز الشيخوخة بوابة لعالم من الانتقام المكبوت.
الرجل المسن الذي يعاني من ضعف الانتصاب أو سرعة القذف، لا يواجه مجرد مشكلة فسيولوجية، بل كارثة تهدد مفهومه عن ذكورته. وعندما تفشل محاولاته مع النساء، يبحث عن بديل لا يطلب منه أداءً جنسيًا كاملًا، بل يمنحه "إحساسًا زائفًا بالقوة" عبر تعذيب من لا يستطيع المقاومة .
الرجل العاجز جنسيًا يمر بثلاث مراحل:
1. مرحلة الإنكار: يحاول إثبات قدرته عبر علاقات مع نساء أصغر سنًا ليس لديهن خبرة سابقة ، ونري في هذا الاتجاه تفسيرا مقنعا لحرص الكثيرين من الكبار علي الزواج من فتيات صغيرات .
2. مرحلة الغضب: عندما يفشل، يتحول غضبه إلى كراهية للنساء .
3. مرحلة الانزياح: يبحث عن ضحايا لا يستطيعون رفضه أو السخرية من عجزه ، وفي هذه المرحلة يمثل الطفل "الضحية المثالية" لأنه:
- لا يستطيع المقاومة الجسدية .
- لا يملك خبرة جنسية للسخرية من أداء المعتدي ، أو حتي تقييم آدائه .
- صراخه من الألم يمكن تفسيره نفسيًا كتعبير عن المتعة عند العجوز الشاب .
وعليه يطور الرجل العاجز جنسيًا معادلة نفسية بديلة يحاول بها إرضاء نفسه وإشباع رغباته تتمثل في :
- صراخ المرأة من المتعة يقابله صراخ الطفل من الألم
- تقلصات النشوة عند المرأة يقابلها تشنجات الخوف عند الطفل
- رطوبة المهبل يقابلها دموع الضحية ، ومن هنا تحل متعة التعذيب محل المتعة الجنسية ، ويكون التركيز على طرق التعذيب أكثر من الفعل الجنسي نفسه".
الرجل العاجز أو قل العجوز الشاذ ينتقم من:
- النساء اللواتي رفضنه أو سخرن من عجزه (عن طريق تعذيب الأطفال كبديل)
- ذاته التي خذلته (عبر إثبات أنه ما زال "قويًا" مع الضعفاء)
- الشيخوخة نفسها (بإثبات أنه ما زال "فاعلًا" جنسيًا)
ويمكن تفسير كل من لديه توجهات سادية أثناء الممارسة الجنسية علي هذا النحو .
أزعم أن المعتدين علي الأطفال لا يشعرون بمتعة جنسية حقيقية، بل بمتعة سادية نابعة من إيلام الآخر كما آلمهم أحدٌ يومًا".
ومن هنا، فالجنس – عندهم - مجرد أداة، أما الهدف الحقيقي فهو إعادة تمثيل الإذلال الذي عاشوه.
لا يوجد جريمة أكثر دناءة من انتهاك براءة طفل، ولا يوجد مجرم أكثر خطورة من ذلك الذي يجد لذته في تدمير طفل أعزل.
و أمام هذه الظاهرة المرضية، لا مكان للتراخي أو التجارب الناعمة. نحتاج هنا إلى علاج صارم يعتمد على ثلاث ركائز: العقاب الرادع، العلاج القسري، والمراقبة الدائمة.
لا جدال في أن الخطوة الأولى يجب أن تكون حرمان المعتدي من أدوات جريمته .
الاعتداء على الأطفال جريمة مزدوجة: جريمة في الحاضر، وجريمة في المستقبل، لأن الضحية قد تصبح غدًا مجرمًا. "الانتقام لا يولد إلا انتقامًا، والحل الوحيد هو كسر الحلقة قبل أن تدور.
في النهاية .
كل من يدافعون عن العجوز الشاذ بكونه قد تجاوز التاسعة والسبعين وأنه ليست لديه أدوات الاشتباك / الاغتصاب / هتك العرض أقول لهم ليس في حاجة إلي أدوات لأنه يشعر بمتعة حقيقية من إيلام الآخر الطفل بأية وسيلة ولا يشترط وسيلة جنسية .
هو لا يبحث عن الجنس والمتعة الجنسية ، هو يتلذذ بإيلام الضحية .
وكفي