دكتور رضا محمد طه يكتب : سرطان الجهاز الهضمي المتقدم وعلاج جيني جديد


علي الرغم من التقدم الكبير في فهم العوامل الجينومية المسببة للسرطان إضافة للعوامل الأخري ، إلا أن سرطان القولون والمستقيم في مرحلته الرابعة لا يزال مرضا عضالا إلي حد كبير ، ومن ثم يسعي العلماء لإيجاد علاجات جديدة ومبتكرة ناجعة فعالة بهدف تحسين النتائج لدى المرضى الذين يعانون من المرض في مراحله المتأخرة.
العلاج الجيني باستخدام تقنية التعديل الجيني وتسمى "كريسبر-كاس9 CRISPR/Cas9" والتي تعتبر أداة فعالة للتعديل والإصلاح الجيني بدقة عالية وأمان كبير ، خاصة أن المحاولات السابقة للتعديل الجيني كانت تنطوي على مخاطر والتي تتمثل في أن يحدث التعديل في مواقع اخرى غير المستهدفة. يشير مصطلح كاس9 Cas9 إلي اسم الأنزيم المستخدم في قطع أماكن محددة في الحمض النووي وهي تسلسلات معروفة أي أن هذا الانزيم يعمل مثل المقص يشق تتابعات في الحمض النووي بها جينات معطوبة أو أخري يراد إصلاحها مسترشدا بحمض نووي ريبوزي يعمل كدليل حيث يرتبط بالحمض النووي المستهدف من خلال مطابقة ازواج القواعد النيتروجينية بينهما، وبمجرد حدوث الارتباط ينشط الانزيم ويقوم بدوره في القطع حيث وإعادة الارتباط بعد التعديل ومن ثم أطلق عليها التحرير الجيني.
نجح باحثون من جامعة مينيسوتا في استكمال أول تجربة سريرية على البشر لاختبار تقنية كريسبر كاس 9 لمساعدة الجهاز المناعي في مكافحة سرطانات الجهاز الهضمي المتقدمة حيث أظهرت النتائج مؤشرات مشجعة على سلامة هذا النهج العلاجي الجديد ذا الفعالية الكبيرة، ونشرت تلك النتائج مؤخرا في مجلة لانسيت لعلم الأورام. وكان فريق البحث قد أختبر تقنية كريسبر كاس 9 للتعديل الجيني لنوع من الخلايا المناعية تسمي الخلايا الليمفاوية المتسللة للورم TILs عن طريق تعطيل جين CISH، مما يترتب عليه تعديل تلك الخلايا واصبحت أكثر قدرة للتعرف على الخلايا السرطانية و مهاجمتها والتخلص منها.
قام فريق البحث باختبار هذا العلاج الجديد على 12 مريضاً مصابين بانتشار شديد للورم في مرحلته النهائية ، ونتج عن ذلك توقف نمو السرطان لدى العديد من المرضي المشاركين في التجربة بينما استجاب أحد المرضى بشكل كامل للعلاج واختفت الأورام النقلية لديه علي مدار عدة أشهر ولم تعود لأكثر من عامين، كما لم يصاحبه آثار جانبية خطيرة فضلاً عن أنه آمن مقارنة بالعلاجات الأخري والتي تتطلب جرعات مستمرة، لكن العلاج الجيني الجديد دائم ومدمج في الخلايا التائية منذ البداية، مع ذلك لا يزال هذا العلاج باهظ التكاليف الأمر الذي جعل العلماء في سعي مستمر لإجراء المزيد من التجارب لتحسين فعاليته وتقليل تكاليفه مع استجابة كاملة لدى المرضى.