شحاته زكريا يكتب : واشنطن تقصف اليمن لحماية تل أبيب.. ومصر تحمي قناتها بشعبها لا بوصاية أجنبية


بعيدا عن الشعارات المزخرفة والتبريرات الدبلوماسية لم تعد خيوط اللعبة خافية على أحد. أمريكا لم تعد تمارس دور "شرطي العالم" بقدر ما تتحول إلى سمسار صفقات مسلح لا يرى في العالم إلا سوقا مفتوحا للهيمنة والمصالح. ومن اليمن إلى غزة ومن البحر الأحمر إلى الخليج تتكرر المسرحية ذاتها: دماء تُسفك وخرائط تُرسم والراية دائما واحدة… حماية إسرائيل.
الهجمات الأمريكية على اليمن تحت لافتة "تأمين الملاحة الدولية"، ليست إلا فصلا جديدا من كتاب عنوانه العريض: حماية الكيان الصهيوني بكل الطرق وبكل الأثمان حتى لو كانت هذه الأثمان تُدفع من أرواح المدنيين في صنعاء أو من أطفال المدارس في غزة.
ترامب وقبله وبعده ليس استثناء بل تجسيد صارخ لمنهج أمريكي أصيل قائم على ابتزاز العالم. وكلما حاول العالم أن يطفئ نارا، أشعلت واشنطن عشرا. فالمعادلة الأمريكية واضحة: كل من يهدد أمن إسرائيل هو "إرهابي"، وكل من يعارض الاستعمار الصهيوني هو "عدو للحضارة".
أما قناة السويس فهى ليست مضيقا عابرا في خرائط البحرية الأمريكية بل شريان حياة نبت في أرض مصر وسُقي بعرق أبنائها ودُفع ثمنه من دماء رجالها. القناة ليست تحت حماية أسطول خامس أو سادس بل تحت حماية شعب لا يعرف الانكسار وجيش لا يبيع السيادة في صفقات على موائد الغرب.
ولمن لا يقرأ التاريخ جيدا فليعد إلى وثيقة القسطنطينية 1888.التى اعترفت بسيادة مصر الكاملة على القناة وأكدت حرية الملاحة دون تدخل أو تفويض لأي قوة أجنبية. السيادة هنا ليست مجرد كلمة بل قرار وشعب ودماء.
بدلا من قصف اليمن وتهديد إيران وإشعال الجبهات في لبنان وسوريا ، لماذا لا تجرب واشنطن حلا منطقيا؟ لماذا لا تدعم قيام دولة فلسطينية حقيقية وتوقف آلة القتل التي يديرها نتنياهو؟ لكن يبدو أن سلام المنطقة لا يدخل ضمن أولويات من يبيع السلاح ويشتري الحروب.
إن مصر بما تملكه من إرادة وشعب وقيادة لا تنتظر وصاية أحد ولا تخضع لتحذيرات أو إملاءات. من أراد الملاحة آمنة، فليدعم السلام لا الصواريخ. ومن أراد احترام السيادة، فليتوقف عن الكيل بمكيالين.
قناة السويس ليست للبيع ، والدم المصري ليس للمساومة.